إستمع إلى القرآن الكريم
تحديد إتجاه القبلة
الساعة
اليومية
ساعات لجميع الدول
الصحف اليومية
جرائد مغربية |
---|
المواضيع الأخيرة
بحـث
ملاحظة
فضل الصحابة ومدى حبهم للنبى محمد صلى الله عليه وسلم
+3
قل الله أكبر
محمد سعيد
فارس عباد
7 مشترك
مـنـتـدى الـشــبـــــــاب للــتـــواصـــــل :: المنتديات الإسلامية :: خـاص بـالـرسـول الـحـبـيـب مـحـمـد
صفحة 1 من اصل 1
فضل الصحابة ومدى حبهم للنبى محمد صلى الله عليه وسلم
فضل الصحابه
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد : " فإن أولى ما نظر فيه الطالب ، وعني به العالم بعد كتاب الله -عز وجل- سنن رسوله -صلى لله عليه وآله وسلم- فهي المبيِّنة لمراد الله -عز وجل- من مجملات كتابه ، والدالة على حدوده ، والمفسرة له ، والهادية إلى الصراط المستقيم صراط الله مَن اتبعها اهتدى ،ومن سُلبها ضل وغوى وولاه الله ما تولى ، ومِن أَوكد آلات السنن المعينة عليها ، والمؤدية إلى حفظها معرفة الذين نقلوها عن نبيهم -صلى الله عليه وآله وسلم- إلى الناس كافة ، وحفظوها عليه ،وبلغوها عنه ، وهم صحابته الحواريون الذين وعوها وأدوها ناصحين محسنين حتى أكمل بما نقلوه الدين ، وثبت بهم حجة الله -تعالى -على المسلمين فهم خير القرون ، وخير أمة أخرجت للناس ثبتت عدالة جميعهم بثناء الله عز وجل عليهم ، وثناء رسوله -عليه السلام- ، ولا أعدل ممن ارتضاه الله لصحبة نبيه ونصرته ، ولا تزكية أفضل من ذلك ، ولا تعديل أكمل منه قال الله تعالى ذكره ( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُود)( الفتح: 29) " [1]
" والصحابة أبر هذه الأمة قلوبا ، وأعمقها علما ، وأقلها تكلفا ، وأقومها هديا ، وأحسنها حالا اختارهم الله لصحبة نبيه -صلى الله عليه وسلم- وإقامة دينه " . كما قاله ابن مسعود _رضي الله عنه_ [2] . "فحبهم سنة والدعاء لهم قربة والإقتداء بهم وسيلة والأخذ بآثارهم فضيلة "[3]
وهم صفوة خلق الله تعالى بعد النبيين -عليهم الصلاة والسلام- فعن ابن عباس _رضي الله عنهما_ في قول الله عز وجل ( قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى ) (النمل:59) قال : أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- [4].
وقال سفيان في قوله عز وجل ( الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ)(الرعد: 28) قال : هم أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- .[5]
وعن وهب بن منبه -رحمه الله -في قوله تعالى ( بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15) كِرَامٍ بَرَرَةٍ) (عبس:16) قال هم أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم-[6].
وقال قتادة في قوله تعالى ( يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِه)(البقرة:121) هم أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -آمنوا بكتاب الله وعملوا بما فيه [7].
وقال ابن مسعود _رضي الله عنه_ " إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد -صلى الله عليه وسلم- خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه فابتعثه برسالته ، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد فوجد قلوبَ أصحابهِ خيرَ قلوبِ العبادِ فجعلهم وزراءَ نبيهِ يُقاتِلون على دينه " [8] والصحابي هنا هو مَن لقي النبي -صلى الله عليه وسلم - مؤمنا به ، ومات على ذلك . فقد جاء في حديث قيلة العنبرية -رضي الله عنها- : خرجت أبتغي الصحابة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم [9] .
وقد ورد في فضلهم آيات وأحاديث كثيرة منها : قوله تعالى ( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (التوبة:100)
وقال تعالى ( لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً) (الفتح:18)
وقال تعالى ( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْأِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) (الفتح : 29)
وفي آيات عديدة ذكرهم الله تعالى وترضى عنهم .
ومما جاء في السنة :
فى القاء القادم ان شاء الله[youtube]
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد : " فإن أولى ما نظر فيه الطالب ، وعني به العالم بعد كتاب الله -عز وجل- سنن رسوله -صلى لله عليه وآله وسلم- فهي المبيِّنة لمراد الله -عز وجل- من مجملات كتابه ، والدالة على حدوده ، والمفسرة له ، والهادية إلى الصراط المستقيم صراط الله مَن اتبعها اهتدى ،ومن سُلبها ضل وغوى وولاه الله ما تولى ، ومِن أَوكد آلات السنن المعينة عليها ، والمؤدية إلى حفظها معرفة الذين نقلوها عن نبيهم -صلى الله عليه وآله وسلم- إلى الناس كافة ، وحفظوها عليه ،وبلغوها عنه ، وهم صحابته الحواريون الذين وعوها وأدوها ناصحين محسنين حتى أكمل بما نقلوه الدين ، وثبت بهم حجة الله -تعالى -على المسلمين فهم خير القرون ، وخير أمة أخرجت للناس ثبتت عدالة جميعهم بثناء الله عز وجل عليهم ، وثناء رسوله -عليه السلام- ، ولا أعدل ممن ارتضاه الله لصحبة نبيه ونصرته ، ولا تزكية أفضل من ذلك ، ولا تعديل أكمل منه قال الله تعالى ذكره ( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُود)( الفتح: 29) " [1]
" والصحابة أبر هذه الأمة قلوبا ، وأعمقها علما ، وأقلها تكلفا ، وأقومها هديا ، وأحسنها حالا اختارهم الله لصحبة نبيه -صلى الله عليه وسلم- وإقامة دينه " . كما قاله ابن مسعود _رضي الله عنه_ [2] . "فحبهم سنة والدعاء لهم قربة والإقتداء بهم وسيلة والأخذ بآثارهم فضيلة "[3]
وهم صفوة خلق الله تعالى بعد النبيين -عليهم الصلاة والسلام- فعن ابن عباس _رضي الله عنهما_ في قول الله عز وجل ( قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى ) (النمل:59) قال : أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- [4].
وقال سفيان في قوله عز وجل ( الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ)(الرعد: 28) قال : هم أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- .[5]
وعن وهب بن منبه -رحمه الله -في قوله تعالى ( بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15) كِرَامٍ بَرَرَةٍ) (عبس:16) قال هم أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم-[6].
وقال قتادة في قوله تعالى ( يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِه)(البقرة:121) هم أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -آمنوا بكتاب الله وعملوا بما فيه [7].
وقال ابن مسعود _رضي الله عنه_ " إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد -صلى الله عليه وسلم- خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه فابتعثه برسالته ، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد فوجد قلوبَ أصحابهِ خيرَ قلوبِ العبادِ فجعلهم وزراءَ نبيهِ يُقاتِلون على دينه " [8] والصحابي هنا هو مَن لقي النبي -صلى الله عليه وسلم - مؤمنا به ، ومات على ذلك . فقد جاء في حديث قيلة العنبرية -رضي الله عنها- : خرجت أبتغي الصحابة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم [9] .
وقد ورد في فضلهم آيات وأحاديث كثيرة منها : قوله تعالى ( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (التوبة:100)
وقال تعالى ( لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً) (الفتح:18)
وقال تعالى ( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْأِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) (الفتح : 29)
وفي آيات عديدة ذكرهم الله تعالى وترضى عنهم .
ومما جاء في السنة :
فى القاء القادم ان شاء الله[youtube]
فارس عباد- الــمــــــراقــــب الــــعــــــــــــام
- عدد المساهمات : 479
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
محمد سعيد- الـمديــرالعــام للمنتــدى
- عدد المساهمات : 1291
تاريخ التسجيل : 24/01/2010
الموقع : المغرب
رد: فضل الصحابة ومدى حبهم للنبى محمد صلى الله عليه وسلم
شكرا على الموضوع
قل الله أكبر- عضو مميز
- عدد المساهمات : 712
تاريخ التسجيل : 25/01/2010
رد: فضل الصحابة ومدى حبهم للنبى محمد صلى الله عليه وسلم
موضوع رائع
جزاك الله خير جزاء
جزاك الله خير جزاء
سعيدة- مـشـرفــة
- عدد المساهمات : 697
تاريخ التسجيل : 09/01/2010
noda- سندريلا المنتدى مشرفة أقسام الأزياء و الاثاث والطبخ
- عدد المساهمات : 634
تاريخ التسجيل : 02/02/2010
العمر : 32
الموقع : مصر
رد: فضل الصحابة ومدى حبهم للنبى محمد صلى الله عليه وسلم
جزاك الله كل خير وجعله فى ميزان حسناتك
bassma- مـشـرفــة
- عدد المساهمات : 331
تاريخ التسجيل : 14/02/2010
العمر : 31
الموقع : أم الـدنـيـــا
الصحابى الجليل اقرأ حتى تعرف من هو
في أرض دوس نشأ بين أسرة شريفة كريمة..
وأوتي موهبة الشعر، فطار بين القبائل صيته ونبوغه..
وفي مواسم عكاظ حيث يأتي الشعراء العرب من كل فج ويحتشدون ويتباهون بشعرائهم، كان الطفيل يأخذ مكانه في المقدمة..
كما كان يتردد على مكة كثيرا في غير مواسم عكاظ..
وذات مرة كان يزورها، وقد شرع الرسول يجهر بدعوته..
وخشيت قريش أن يلقاه الطفيل ويسلم، ثم يضع موهبته الشعرية في خدمة الاسلام، فتكون الطامة على قريش وأصنامها..
من أجل ذلك أحاطوا به.. وهيئوا له من الضيافة كل أسباب الترف والبهجة والنعيم، ثم راحوا يحذرونه لقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقولون له:
" ان له قولا كالسحر، يفرّق بين الرجل وابيه.. والرجل وأخيه.. والرجل وزوجته.. ونا نخشى عليك وعلى قومك منه، فلا تكلمه ولا تسمع منه حديثا"..!!
ولنصغ للطفيل ذاته يروي لنا بقية النبأ فيقول:
" فوالله ما زالوا بي حتى عزمت ألا أسمع منه شيئا ولا ألقاه..
وحين غدوت الى الكعبة حشوت أذنيّ كرسفا كي لا أسمع شيئا من قوله اذا هو تحدث..
وهناك وجدته قائما يصلي عند الكعبة، فقمت قريبا منه، فأبي الله الا أن يسمعني بعض ما يقرأ، فسمعت كلاما حسنا..
وقلت لنفسي: واثكل أمي.. والله اني لرجل لبيب شاعر، لا يخفى عليّ الحسن من القبيح، فما يمنعني أن أسمع من الرجل ما يقول، فان كان الذي يأتي به حسن قبلته، وان كان قبيحارفضته.
ومكثت حتى انصرف الى بيته، فاتبعته حتى دخل بيته، فدخلت وراءه، وقلت له: يا محمد، ان قومك قد حدثوني عنك كذا وكذا.. فوالله ما برحوا يخوّفوني أمرك حتى سددت أذنيّ بكرسف لئلا أسمع قولك..
ولكن الله شاء أن أسمع، فسمعت قولا حسنا، فاعرض عليّ أمرك..
فعرض الرسول عليّ الاسلام، وتلا عليّ من القرآن..
فأسلمت، وشهدت شهادة الحق، وقلت: يا رسول الله: اني امرؤ مطاع في قومي واني راجع اليهم، وداعيهم الى الاسلام، فادع الله أن يجعل لي آية تكون عونا لي فيما أدعوهم اليه، فقال عليه السلام: اللهم اجعل له آية"..
لقد أثنى الله تعالى في كتابه على " الذين يسمعون القول فيتبعون أحسنه"..
وها نحن أولاء نلتقي بواحد من هؤلاء..
انه صورة صادقة من صور الفطرة الرشيدة..
فما كاد سمعه يلتقط بعض آيات الرشد والخير التي أنزلها الله على فؤاد رسوله، حتى تفتح كل سمعه، وكل قلبه. وحتى بسط يمينه مبايعا.. ليس ذلك فحسب.. بل حمّل نفسه من فوره مسؤولية دعوة قومه وأهله الى هذا الدين الحق، والصراط المستقيم..!
من أجل هذا، نراه لا يكاد يبلغ بلده وداره في أرض دوس حتى يواجه أباه بالذي من قلبه من عقيدة واصرار، ويدعو أباه الى الاسلام بعد أن حدّثه عن الرسول الذي يدعو الى الله.. حدثه عن عظمته.. وعن طهره وأمانته.. عن اخلاصه واخباته لله رب العالمين..
وأسلم أبوه في الحال..
ثم انتقل الى أمه، فأسلمت
ثم الى زوجه، فأسلمت..
ولما اطمأن الى أن الاسلام قد غمر بيته، انتقل الى عشيرته، والى أهل دوس جميعا.. فلم يسلم منهم أحد سوى أبي هريرة رضي الله عنه..
ولقد راحوا يخذلونه، وينأون عنه، حتى نفذ صبره معهم وعليهم. فركب راحلته، وقطع الفيافي عائدا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكو اليه ويتزوّد منه بتعاليمه..
وحين نزل مكة، سارع الى دار الرسول تحدوه أشواقه..
وقال للنبي:
" يا رسول الله..
انه قد غلبني على دوس الزنى، والربا، فادع الله أن يهلك دوسا"..!!
وكانت مفاجأة أذهلت الطفيل حين رأى الرسول يرفع كفيه الى السماء وهو يقول:
" اللهم اهد دوسا وأت بهم مسلمين"..!!
ثم التفت الى الطفيل وقال له:
" ارجع الى قومك فادعهم وارفق بهم".
ملأ هذا المشهد نفس الطفيل روعة، وملأ روحه سلاما، وحمد اله أبلغ الحمد أن جعل هذا الرسول الانسان الرحيم معلمه وأستاذه. وأن جعل الاسلام دينه وملاذه.
ونهض عائدا الى أرضه وقومه وهناك راح يدعوهم الى الاسلام في أناة ورفق، كما أوصاه الرسول عليه السلام.
وخلال الفترة التي قضاها بين قومه، كان الرسول قد هاجر الى المدينة وكانت قد وقعت غزوة بدر، أحد والخندق.
وبينما رسول الله في خيبر بعد أن فتحها الله على المسلمين اذا موكب حافل ينتظم ثمانين اسرة من دوس أقبلوا على الرسول مهللين مكبّرين ..
وبينما جلسوا يبايعون تباعا..
ولما فرغوا من مشهدهم الحافل، وبيعتهم المباركة جلس الطفيل بن عمرو مع نفسه يسترجع ذكرياته ويتأمل خطاه على الطريق..!!
تذكر يوم قدوم الرسول يسأله أن يرفع كفيه الى السماء ويقول:
اللهم اهلك دوسا، فاذا هو يبتهل بدعاء آخر أثار يومئذ عجبه..
ذلك هو:
" اللهم اهد دوسا وأت بهم مسلمين"..!!
ولقد هدى الله دوسا..
وجاء بهم مسلمين..
وها هم أولاء.. ثمانون بيتا، وعائلة منهم، يشكلون أكثرية أهلها، يأخذون مكانهم في الصفوف الطاهرة خلف رسول الله الأمين.
ويواصل الطفيل عمله مع الجماعة المؤمنة..
ويوم فتح مكة، كان يدخلها مع عشرة آلاف مسلم لا يثنون أعطافهم زهوا وصلفا، بل يحنون جباههم في خشوع واذلال، شكرا لله الذي أثابهم فتحا قريبا، ونصرا مبينا..
ورأى الطفيل رسول الله وهو يهدم أصنام الكعبة، ويطهرها بيده من ذلك الرجس الذي طال مداه..
وتذكر الدوسي من فوره صنما كان لعمرو بن حممة. طالما كان عمرو هذا يصطحبه اليه حين ينزل ضيافته، فيتخشّع بين يديه، ويتضرّع اليه..!!
الآن حانت الفرصة ليمحو الطفيل عن نفسه اثم تلك الأيام.. هنالك تقدم من الرسول عليه الصلاة والسلام يستأذنه في أن يذهب ليحرق صنم عمرو بن حممة وكان هذا الصنم يدعى، ذا الكفين، وأذن له النبي عليه السلام..
ويذهب الطفيل ويوقد عليه النار.. وكلما خبت زادها ضراما وهو ينشد ويقول:
يا ذا الكفين لست من عبّادكا
ميلادنا أقدم من ميلادكا!!
اني حشوت النار في فؤادكا
وهكذا عاش مع النبي يصلي وراءه، ويتعلم منه، ويغزو معه.
وينتقل الرسول الى الرفيق الأعلى، فيرى الطفيل أن مسؤوليته كمسلم لم تنته بموت الرسول، بل انها لتكاد تبدأ..
وهكذا لم تكد حروب الردة تنشب حتى كان الطفيل يشمّر لها عن ساعد وساق، وحتى كان يخوض غمراتها وأهوالها في حنان مشتاق الى الشهادة..
اشترك في حروب الردة حربا.. حربا..
وفي موقعة اليمامة خرج مع المسلمين مصطحبا معه ابنه عمرو بن الطفيل".
ومع بدء المعركة راح يوضي ابنه أن يقاتل جيش مسيلمة الكذاب قتال من يريد الموت والشهادة..
وأنبأه أنه يحس أنه سيموت في هذه المعركة.
وهكذا حمل سيفه وخاض القتال في تفان مجيد..
لم يكن يدافع بسيفه عن حياته.
بل كان يدافع بحياته عن سيفه.
حتى اذا مات وسقط جسده، بقي السيف سليما مرهفا لتضرب به يد أخرى لم يسقط صاحبها بعد..!!
وفي تلك الموقعة استشهد الطفيل الدوسي رضي الله عنه..
وهو جسده تحت وقع الطعان، وهو يلوّح لابنه الذي لم يكن يراه وسط الزحام..!!
يلوّح له وكأنه يهيب به ليتبعه ويلحق به..
ولقد لحق به فعلا.. ولكن بعد حين..
ففي موقعة اليرموك بالشام خرج عمرو بن الطفيل مجاهدا وقضى نحبه شهيدا..
وكان وهو يجود بأنفاسه، يبسط ذراعه اليمنى ويفتح كفه، كما لو كان سيصافح بها أحدا.. ومن يدري..؟؟
لعله ساعتئذ كان يصافح روح أبيه..!!
وأوتي موهبة الشعر، فطار بين القبائل صيته ونبوغه..
وفي مواسم عكاظ حيث يأتي الشعراء العرب من كل فج ويحتشدون ويتباهون بشعرائهم، كان الطفيل يأخذ مكانه في المقدمة..
كما كان يتردد على مكة كثيرا في غير مواسم عكاظ..
وذات مرة كان يزورها، وقد شرع الرسول يجهر بدعوته..
وخشيت قريش أن يلقاه الطفيل ويسلم، ثم يضع موهبته الشعرية في خدمة الاسلام، فتكون الطامة على قريش وأصنامها..
من أجل ذلك أحاطوا به.. وهيئوا له من الضيافة كل أسباب الترف والبهجة والنعيم، ثم راحوا يحذرونه لقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقولون له:
" ان له قولا كالسحر، يفرّق بين الرجل وابيه.. والرجل وأخيه.. والرجل وزوجته.. ونا نخشى عليك وعلى قومك منه، فلا تكلمه ولا تسمع منه حديثا"..!!
ولنصغ للطفيل ذاته يروي لنا بقية النبأ فيقول:
" فوالله ما زالوا بي حتى عزمت ألا أسمع منه شيئا ولا ألقاه..
وحين غدوت الى الكعبة حشوت أذنيّ كرسفا كي لا أسمع شيئا من قوله اذا هو تحدث..
وهناك وجدته قائما يصلي عند الكعبة، فقمت قريبا منه، فأبي الله الا أن يسمعني بعض ما يقرأ، فسمعت كلاما حسنا..
وقلت لنفسي: واثكل أمي.. والله اني لرجل لبيب شاعر، لا يخفى عليّ الحسن من القبيح، فما يمنعني أن أسمع من الرجل ما يقول، فان كان الذي يأتي به حسن قبلته، وان كان قبيحارفضته.
ومكثت حتى انصرف الى بيته، فاتبعته حتى دخل بيته، فدخلت وراءه، وقلت له: يا محمد، ان قومك قد حدثوني عنك كذا وكذا.. فوالله ما برحوا يخوّفوني أمرك حتى سددت أذنيّ بكرسف لئلا أسمع قولك..
ولكن الله شاء أن أسمع، فسمعت قولا حسنا، فاعرض عليّ أمرك..
فعرض الرسول عليّ الاسلام، وتلا عليّ من القرآن..
فأسلمت، وشهدت شهادة الحق، وقلت: يا رسول الله: اني امرؤ مطاع في قومي واني راجع اليهم، وداعيهم الى الاسلام، فادع الله أن يجعل لي آية تكون عونا لي فيما أدعوهم اليه، فقال عليه السلام: اللهم اجعل له آية"..
لقد أثنى الله تعالى في كتابه على " الذين يسمعون القول فيتبعون أحسنه"..
وها نحن أولاء نلتقي بواحد من هؤلاء..
انه صورة صادقة من صور الفطرة الرشيدة..
فما كاد سمعه يلتقط بعض آيات الرشد والخير التي أنزلها الله على فؤاد رسوله، حتى تفتح كل سمعه، وكل قلبه. وحتى بسط يمينه مبايعا.. ليس ذلك فحسب.. بل حمّل نفسه من فوره مسؤولية دعوة قومه وأهله الى هذا الدين الحق، والصراط المستقيم..!
من أجل هذا، نراه لا يكاد يبلغ بلده وداره في أرض دوس حتى يواجه أباه بالذي من قلبه من عقيدة واصرار، ويدعو أباه الى الاسلام بعد أن حدّثه عن الرسول الذي يدعو الى الله.. حدثه عن عظمته.. وعن طهره وأمانته.. عن اخلاصه واخباته لله رب العالمين..
وأسلم أبوه في الحال..
ثم انتقل الى أمه، فأسلمت
ثم الى زوجه، فأسلمت..
ولما اطمأن الى أن الاسلام قد غمر بيته، انتقل الى عشيرته، والى أهل دوس جميعا.. فلم يسلم منهم أحد سوى أبي هريرة رضي الله عنه..
ولقد راحوا يخذلونه، وينأون عنه، حتى نفذ صبره معهم وعليهم. فركب راحلته، وقطع الفيافي عائدا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكو اليه ويتزوّد منه بتعاليمه..
وحين نزل مكة، سارع الى دار الرسول تحدوه أشواقه..
وقال للنبي:
" يا رسول الله..
انه قد غلبني على دوس الزنى، والربا، فادع الله أن يهلك دوسا"..!!
وكانت مفاجأة أذهلت الطفيل حين رأى الرسول يرفع كفيه الى السماء وهو يقول:
" اللهم اهد دوسا وأت بهم مسلمين"..!!
ثم التفت الى الطفيل وقال له:
" ارجع الى قومك فادعهم وارفق بهم".
ملأ هذا المشهد نفس الطفيل روعة، وملأ روحه سلاما، وحمد اله أبلغ الحمد أن جعل هذا الرسول الانسان الرحيم معلمه وأستاذه. وأن جعل الاسلام دينه وملاذه.
ونهض عائدا الى أرضه وقومه وهناك راح يدعوهم الى الاسلام في أناة ورفق، كما أوصاه الرسول عليه السلام.
وخلال الفترة التي قضاها بين قومه، كان الرسول قد هاجر الى المدينة وكانت قد وقعت غزوة بدر، أحد والخندق.
وبينما رسول الله في خيبر بعد أن فتحها الله على المسلمين اذا موكب حافل ينتظم ثمانين اسرة من دوس أقبلوا على الرسول مهللين مكبّرين ..
وبينما جلسوا يبايعون تباعا..
ولما فرغوا من مشهدهم الحافل، وبيعتهم المباركة جلس الطفيل بن عمرو مع نفسه يسترجع ذكرياته ويتأمل خطاه على الطريق..!!
تذكر يوم قدوم الرسول يسأله أن يرفع كفيه الى السماء ويقول:
اللهم اهلك دوسا، فاذا هو يبتهل بدعاء آخر أثار يومئذ عجبه..
ذلك هو:
" اللهم اهد دوسا وأت بهم مسلمين"..!!
ولقد هدى الله دوسا..
وجاء بهم مسلمين..
وها هم أولاء.. ثمانون بيتا، وعائلة منهم، يشكلون أكثرية أهلها، يأخذون مكانهم في الصفوف الطاهرة خلف رسول الله الأمين.
ويواصل الطفيل عمله مع الجماعة المؤمنة..
ويوم فتح مكة، كان يدخلها مع عشرة آلاف مسلم لا يثنون أعطافهم زهوا وصلفا، بل يحنون جباههم في خشوع واذلال، شكرا لله الذي أثابهم فتحا قريبا، ونصرا مبينا..
ورأى الطفيل رسول الله وهو يهدم أصنام الكعبة، ويطهرها بيده من ذلك الرجس الذي طال مداه..
وتذكر الدوسي من فوره صنما كان لعمرو بن حممة. طالما كان عمرو هذا يصطحبه اليه حين ينزل ضيافته، فيتخشّع بين يديه، ويتضرّع اليه..!!
الآن حانت الفرصة ليمحو الطفيل عن نفسه اثم تلك الأيام.. هنالك تقدم من الرسول عليه الصلاة والسلام يستأذنه في أن يذهب ليحرق صنم عمرو بن حممة وكان هذا الصنم يدعى، ذا الكفين، وأذن له النبي عليه السلام..
ويذهب الطفيل ويوقد عليه النار.. وكلما خبت زادها ضراما وهو ينشد ويقول:
يا ذا الكفين لست من عبّادكا
ميلادنا أقدم من ميلادكا!!
اني حشوت النار في فؤادكا
وهكذا عاش مع النبي يصلي وراءه، ويتعلم منه، ويغزو معه.
وينتقل الرسول الى الرفيق الأعلى، فيرى الطفيل أن مسؤوليته كمسلم لم تنته بموت الرسول، بل انها لتكاد تبدأ..
وهكذا لم تكد حروب الردة تنشب حتى كان الطفيل يشمّر لها عن ساعد وساق، وحتى كان يخوض غمراتها وأهوالها في حنان مشتاق الى الشهادة..
اشترك في حروب الردة حربا.. حربا..
وفي موقعة اليمامة خرج مع المسلمين مصطحبا معه ابنه عمرو بن الطفيل".
ومع بدء المعركة راح يوضي ابنه أن يقاتل جيش مسيلمة الكذاب قتال من يريد الموت والشهادة..
وأنبأه أنه يحس أنه سيموت في هذه المعركة.
وهكذا حمل سيفه وخاض القتال في تفان مجيد..
لم يكن يدافع بسيفه عن حياته.
بل كان يدافع بحياته عن سيفه.
حتى اذا مات وسقط جسده، بقي السيف سليما مرهفا لتضرب به يد أخرى لم يسقط صاحبها بعد..!!
وفي تلك الموقعة استشهد الطفيل الدوسي رضي الله عنه..
وهو جسده تحت وقع الطعان، وهو يلوّح لابنه الذي لم يكن يراه وسط الزحام..!!
يلوّح له وكأنه يهيب به ليتبعه ويلحق به..
ولقد لحق به فعلا.. ولكن بعد حين..
ففي موقعة اليرموك بالشام خرج عمرو بن الطفيل مجاهدا وقضى نحبه شهيدا..
وكان وهو يجود بأنفاسه، يبسط ذراعه اليمنى ويفتح كفه، كما لو كان سيصافح بها أحدا.. ومن يدري..؟؟
لعله ساعتئذ كان يصافح روح أبيه..!!
فارس عباد- الــمــــــراقــــب الــــعــــــــــــام
- عدد المساهمات : 479
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
رد: فضل الصحابة ومدى حبهم للنبى محمد صلى الله عليه وسلم
بارك الله فيك والله عجبني موضوعك وانا اقراه
بارك الله فيك وجزاك الجنة
بارك الله فيك وجزاك الجنة
سعيدة- مـشـرفــة
- عدد المساهمات : 697
تاريخ التسجيل : 09/01/2010
الصحابى الوحيد المولود داخل الكعبة
حكيم بن حزام
"إن بمكة لأربعة نفر أربأ بهم عن الشرك و أرغب لهم في الإسلام... أحدهم حكيم بن حزام"
(محمد رسول الله)
هل أتاك نبأ هذا الصحابي؟!.
لقد سجل التاريخ أنه المولود الوحيد الذي ولد داخل الكعبة المعظمة...
أما قصة ولادته هذه، فخلاصتها أن أمه دخلت مع طائفة من أترابها إلى جوف الكعبة للتفرج عليها...
و كانت يومئذ مفتوحة لمناسبة من المناسبات.
و كانت والدته آنذاك حاملا به، ففجأها المخاض و هي في داخل الكعبة، فلم تستطع مغادرتها...
فجيء لها بنطع فوضعت مولودها عليه...
و كان ذلك المولود حكيم بن حزام بن خويلد...و هو ابن أخي أم المؤمنين السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها و أرضاها.
نشأ حكيم بن حزام في أسرة عريقة النسب، عريضة الجاه، واسعة الثراء.
و كان إلى ذلك عاقلا سريا فاضلا، فسوده قومه، و أناطوا به منصب الرفادة.
فكان يخرج من ماله الخاص ما يرفد به المنقطعين من حجاج بيت الله الحرام في الجاهلية...
و قد كان حكيم صديقا حميما لرسول الله صلوات الله و سلامه عليه قبل أن يبعث.
فهو و إن كان أكبر من النبي الكريم – صلى الله عليه و سلم - بخمس سنوات، إلا أنه كان يألفه، و يأنس به، و يرتاح إلى صحبته و مجالسته، و كان الرسول – صلى الله عليه و سلم – يبادله ودا بود، و صداقة بصداقة.
ثم جاءت آصرة القربى فوثقت ما بينهما من علاقة، و ذلك حين تزوج النبي – صلى الله عليه و سلم – من عمته خديجة بنت خويلد رضي الله عنها.
و قد تعجب بعد كل الذي بسطناه لك من علاقة حكيم بالرسول عليه الصلاة و السلام إذا علمت أن حكيما لم يسلم إلا يوم الفتح، حيث كان قد مضى على بعثة الرسول صلوات الله و سلامه عليه ما يزيد على عشرين عاما!!.
فقد كان المظنون برجل مثل حكيم بن حزام حباه الله ذلك العقل الراجح، و يسر له تلك القربى القريبه من النبي صلوات الله عليه، و أن يكون أول المؤمنين به، و المصدقين لدعوته، و المهتدين بهديه.
و لكنها مشيئة الله...
و ما شاء كان...
و كما نعجب نحن من تأخر إسلام حكيم بن حزام، فقد كان يعجب هو نفسه من ذلك.
فهو ما كاد يدخل الإسلام و يتذوق حلاوة الإيمان، حتى جعل يعض بنان الندم على كل لحظة قضاها من عمره و هو مشرك بالله مكذب لنبيه.
فلقد رآه ابنه بعد إسلامه يبكي، فقال: "ما يبكيك يا أبتاه؟!."
قال: "أمور كثيرة كلها أبكاني يا بني:
أولها بطء إسلامي مما جعلني أسبق إلى مواطن كثيرة صالحة حتى لو أنني أنفقت ملء الأرض ذهبا لما بلغت شيئا منها.
ثم إن الله أنجاني يوم "بدر" و "أحد" فقلت يومئذ في نفسي:
لا أنصر بعد ذلك قريشا على رسول الله – صلى الله عليه و سلم – و لا أخرج من مكة، فما لبثت أن جررت إلى نصرة "قريش" جرا.
ثم إنني كنت كلما هممت بالإسلام، نظرت إلى بقايا من رجالات قريش لهم أسنان و أقدار متمسكين بما هم عليه من أمر الجاهلية، فأقتدي بهم و أجاريهم...
و ياليت أني لم أفعل..
فما أهلكنا إلا الاقتداء بآبائنا و كبرائنا...
فلم لا أبكي يا بني؟!!."و كما عجبنا نحن من تأخر إسلام حكيم بن حزام، و كما كان يعجب هو نفسه من ذلك أيضا، فإن النبي صلوات الله و سلامه عليه كان يعجب من رجل له مثل حلم حكيم بن حزام و فهمه، كيف يخفى عليه الإسلام و كان يتمنى له و للنفر الذين هم على شاكلته أن يبادروا إلى الدخول في دين الله.
ففي الليلة التي سبقت فتح مكة قال عليه الصلاة و السلام لأصحابه:
(إن بمكة لأربعة نفر أربأ بهم عن الشرك، و أرغب لهم في الإسلام)
قيل: "و من هم يا رسول الله؟".
قال: (عتاب بن أسيد، و جبير بن مطعم، و حكيم بن حزام، و سهيل بن عمرو).
و من فضل الله عليهم أنهم أسلموا جميعا...
و حين دخل الرسول صلوات الله و سلامه عليه مكة فاتحا، أبى إلا أن يكرم حكيم بن حزام فأمر مناديه أن ينادي:
"من شهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، و أن محمدا عبده و رسوله فهو آمن...و من جلس عند الكعبة فوضع سلاحه فهو آمن..
و من أغلق عليه بابه فهو آمن...و من دخل دار أبي سفيان فهو آمن...
و من دخل دار حكيم بن حزام فهو آمن..."
و كانت دار حكيم بن حزام في أسفل مكة، و دار أبي سفيان في أعلاها.
أسلم حكيم بن حزام إسلاما ملك عليه لبه، و آمن إيمانا خالط دمه و مازج قلبه...
و آلى على نفسه أن يكفر عن كل موقف وقفه في الجاهلية، أو نفقة أنفقها في عداوة الرسول – صلى الله عليه و سلم – بأمثال أمثالها.
و قد بر بقسمه...
من ذلك أنه آلت إليه دار الندوة و هي دار عريقة ذات تاريخ...
ففيها كانت تعقد قريش مؤتمراتها في الجاهلبة، و فيها اجتمع سادتهم و كبراؤهم ليأتمروا برسول الله – صلى الله عليه و سلم - .
فأراد حكيم بن حزام أن يتخلص منها – و كأنه كان يريد أن يسدل ستارا من النسيان على ذلك الماضي البغيض – فباعها بمئة ألف درهم، فقال له قائل من فتيان قريش:"لقد بعت مكرمة قريش يا عم".
فقال له حكيم: "هيهات يا بني، ذهبت المكارم كلها و لم يبق إلا التقوى، و إني ما بعها إلا لأشتري بثمنها بيتا في الجنة...
و إني أشهدكم أنني جعلت ثمنها في سبيل الله عز و جل."
و حج حكيم بن حزام بعد إسلامه، فساق أمامه مئة ناقة مجللة بالأثواب الزاهية ثم نحرها جميعها تقربا إلى الله...
و في حجة أخرى وقف في عرفات، و معه مئة من عبيده و قد جعل في عنق كل واحد منهم طوقا من الفضة، نقش عليه:
عتقاء لله عز و جل عن حكيم بن حزام.
ثم أعتقهم جميعا...
و في حجة ثالثة ساق أمامه ألف شاة – نعم ألف شاة – و أراق دمها كلها في "منى"، و أطعم بلحومها فقراء المسلمين تقربا لله عز و جل.
و بعد غزوة "حنين" سأل حكيم بن حزام رسول الله – صلى الله عليه و سلم – من الغنائم فأعطاه، ثم سأله فأعطاه، حتى بلغ ما أخذه مئة بعير – و كان يومئذ حديث إسلام – فقال له الرسول صلوات الله و سلامه عليه:
(يا حكيم:
إن هذا المال حلوة خضرة...
فمن أخذ بسخاوة نفس بورك له فيه...
و من أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه، و كان كالذي يأكل ولا يشبع...
و اليد العليا خير من اليد السفلى).
فلما سمع حكيم بن حزام ذلك من الرسول عليه الصلاة و السلام قال:
"يا رسول الله، و الذي بعثك بالحق لا أسأل أحدا بعدك شيئا...
و لا آخذ من أحد شيئا حتى أفارق الدنيا..."
و بر حكيم بقسمه أصدق البر.
ففي عهد أبي بكر دعاه الصديق أكثر من مرة لأخذ عطائه من بيت مال المسلمين فأبى أن يأخذه...
و لما آلت الخلافة إلى الفاروق دعاه إلى أخذ عطائه فأبى أن يأخذ منه شيئا أيضا...
فقام عمر في الناس و قال:
"أشهدكم يا معشر المسلمين أني أدعو حكيما إلى أخذ عطائه فيأبى."
و ظل حكيم كذلك لم يأخذ من أحد شيئا حتى فارق الحياة
"إن بمكة لأربعة نفر أربأ بهم عن الشرك و أرغب لهم في الإسلام... أحدهم حكيم بن حزام"
(محمد رسول الله)
هل أتاك نبأ هذا الصحابي؟!.
لقد سجل التاريخ أنه المولود الوحيد الذي ولد داخل الكعبة المعظمة...
أما قصة ولادته هذه، فخلاصتها أن أمه دخلت مع طائفة من أترابها إلى جوف الكعبة للتفرج عليها...
و كانت يومئذ مفتوحة لمناسبة من المناسبات.
و كانت والدته آنذاك حاملا به، ففجأها المخاض و هي في داخل الكعبة، فلم تستطع مغادرتها...
فجيء لها بنطع فوضعت مولودها عليه...
و كان ذلك المولود حكيم بن حزام بن خويلد...و هو ابن أخي أم المؤمنين السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها و أرضاها.
نشأ حكيم بن حزام في أسرة عريقة النسب، عريضة الجاه، واسعة الثراء.
و كان إلى ذلك عاقلا سريا فاضلا، فسوده قومه، و أناطوا به منصب الرفادة.
فكان يخرج من ماله الخاص ما يرفد به المنقطعين من حجاج بيت الله الحرام في الجاهلية...
و قد كان حكيم صديقا حميما لرسول الله صلوات الله و سلامه عليه قبل أن يبعث.
فهو و إن كان أكبر من النبي الكريم – صلى الله عليه و سلم - بخمس سنوات، إلا أنه كان يألفه، و يأنس به، و يرتاح إلى صحبته و مجالسته، و كان الرسول – صلى الله عليه و سلم – يبادله ودا بود، و صداقة بصداقة.
ثم جاءت آصرة القربى فوثقت ما بينهما من علاقة، و ذلك حين تزوج النبي – صلى الله عليه و سلم – من عمته خديجة بنت خويلد رضي الله عنها.
و قد تعجب بعد كل الذي بسطناه لك من علاقة حكيم بالرسول عليه الصلاة و السلام إذا علمت أن حكيما لم يسلم إلا يوم الفتح، حيث كان قد مضى على بعثة الرسول صلوات الله و سلامه عليه ما يزيد على عشرين عاما!!.
فقد كان المظنون برجل مثل حكيم بن حزام حباه الله ذلك العقل الراجح، و يسر له تلك القربى القريبه من النبي صلوات الله عليه، و أن يكون أول المؤمنين به، و المصدقين لدعوته، و المهتدين بهديه.
و لكنها مشيئة الله...
و ما شاء كان...
و كما نعجب نحن من تأخر إسلام حكيم بن حزام، فقد كان يعجب هو نفسه من ذلك.
فهو ما كاد يدخل الإسلام و يتذوق حلاوة الإيمان، حتى جعل يعض بنان الندم على كل لحظة قضاها من عمره و هو مشرك بالله مكذب لنبيه.
فلقد رآه ابنه بعد إسلامه يبكي، فقال: "ما يبكيك يا أبتاه؟!."
قال: "أمور كثيرة كلها أبكاني يا بني:
أولها بطء إسلامي مما جعلني أسبق إلى مواطن كثيرة صالحة حتى لو أنني أنفقت ملء الأرض ذهبا لما بلغت شيئا منها.
ثم إن الله أنجاني يوم "بدر" و "أحد" فقلت يومئذ في نفسي:
لا أنصر بعد ذلك قريشا على رسول الله – صلى الله عليه و سلم – و لا أخرج من مكة، فما لبثت أن جررت إلى نصرة "قريش" جرا.
ثم إنني كنت كلما هممت بالإسلام، نظرت إلى بقايا من رجالات قريش لهم أسنان و أقدار متمسكين بما هم عليه من أمر الجاهلية، فأقتدي بهم و أجاريهم...
و ياليت أني لم أفعل..
فما أهلكنا إلا الاقتداء بآبائنا و كبرائنا...
فلم لا أبكي يا بني؟!!."و كما عجبنا نحن من تأخر إسلام حكيم بن حزام، و كما كان يعجب هو نفسه من ذلك أيضا، فإن النبي صلوات الله و سلامه عليه كان يعجب من رجل له مثل حلم حكيم بن حزام و فهمه، كيف يخفى عليه الإسلام و كان يتمنى له و للنفر الذين هم على شاكلته أن يبادروا إلى الدخول في دين الله.
ففي الليلة التي سبقت فتح مكة قال عليه الصلاة و السلام لأصحابه:
(إن بمكة لأربعة نفر أربأ بهم عن الشرك، و أرغب لهم في الإسلام)
قيل: "و من هم يا رسول الله؟".
قال: (عتاب بن أسيد، و جبير بن مطعم، و حكيم بن حزام، و سهيل بن عمرو).
و من فضل الله عليهم أنهم أسلموا جميعا...
و حين دخل الرسول صلوات الله و سلامه عليه مكة فاتحا، أبى إلا أن يكرم حكيم بن حزام فأمر مناديه أن ينادي:
"من شهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، و أن محمدا عبده و رسوله فهو آمن...و من جلس عند الكعبة فوضع سلاحه فهو آمن..
و من أغلق عليه بابه فهو آمن...و من دخل دار أبي سفيان فهو آمن...
و من دخل دار حكيم بن حزام فهو آمن..."
و كانت دار حكيم بن حزام في أسفل مكة، و دار أبي سفيان في أعلاها.
أسلم حكيم بن حزام إسلاما ملك عليه لبه، و آمن إيمانا خالط دمه و مازج قلبه...
و آلى على نفسه أن يكفر عن كل موقف وقفه في الجاهلية، أو نفقة أنفقها في عداوة الرسول – صلى الله عليه و سلم – بأمثال أمثالها.
و قد بر بقسمه...
من ذلك أنه آلت إليه دار الندوة و هي دار عريقة ذات تاريخ...
ففيها كانت تعقد قريش مؤتمراتها في الجاهلبة، و فيها اجتمع سادتهم و كبراؤهم ليأتمروا برسول الله – صلى الله عليه و سلم - .
فأراد حكيم بن حزام أن يتخلص منها – و كأنه كان يريد أن يسدل ستارا من النسيان على ذلك الماضي البغيض – فباعها بمئة ألف درهم، فقال له قائل من فتيان قريش:"لقد بعت مكرمة قريش يا عم".
فقال له حكيم: "هيهات يا بني، ذهبت المكارم كلها و لم يبق إلا التقوى، و إني ما بعها إلا لأشتري بثمنها بيتا في الجنة...
و إني أشهدكم أنني جعلت ثمنها في سبيل الله عز و جل."
و حج حكيم بن حزام بعد إسلامه، فساق أمامه مئة ناقة مجللة بالأثواب الزاهية ثم نحرها جميعها تقربا إلى الله...
و في حجة أخرى وقف في عرفات، و معه مئة من عبيده و قد جعل في عنق كل واحد منهم طوقا من الفضة، نقش عليه:
عتقاء لله عز و جل عن حكيم بن حزام.
ثم أعتقهم جميعا...
و في حجة ثالثة ساق أمامه ألف شاة – نعم ألف شاة – و أراق دمها كلها في "منى"، و أطعم بلحومها فقراء المسلمين تقربا لله عز و جل.
و بعد غزوة "حنين" سأل حكيم بن حزام رسول الله – صلى الله عليه و سلم – من الغنائم فأعطاه، ثم سأله فأعطاه، حتى بلغ ما أخذه مئة بعير – و كان يومئذ حديث إسلام – فقال له الرسول صلوات الله و سلامه عليه:
(يا حكيم:
إن هذا المال حلوة خضرة...
فمن أخذ بسخاوة نفس بورك له فيه...
و من أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه، و كان كالذي يأكل ولا يشبع...
و اليد العليا خير من اليد السفلى).
فلما سمع حكيم بن حزام ذلك من الرسول عليه الصلاة و السلام قال:
"يا رسول الله، و الذي بعثك بالحق لا أسأل أحدا بعدك شيئا...
و لا آخذ من أحد شيئا حتى أفارق الدنيا..."
و بر حكيم بقسمه أصدق البر.
ففي عهد أبي بكر دعاه الصديق أكثر من مرة لأخذ عطائه من بيت مال المسلمين فأبى أن يأخذه...
و لما آلت الخلافة إلى الفاروق دعاه إلى أخذ عطائه فأبى أن يأخذ منه شيئا أيضا...
فقام عمر في الناس و قال:
"أشهدكم يا معشر المسلمين أني أدعو حكيما إلى أخذ عطائه فيأبى."
و ظل حكيم كذلك لم يأخذ من أحد شيئا حتى فارق الحياة
فارس عباد- الــمــــــراقــــب الــــعــــــــــــام
- عدد المساهمات : 479
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
صحابى جديد من اصحاب النبى محمد صلى الله عليه وسلم
عتبة بن غزوان
غدا ترون الأمراء من بعدي
من بين المسلمين السابقين, والمهاجرين الأولين الى الحبشة, فالمدينة..
ومن بين الرماة الأفذاذ الذين أبلوا في سبيل الله بلاء حسنا, هذا الرجل الفارع الطول, المشرق الوجه, المخبت
القلب عتبة بن غزوان...
كان سابع سبعة سبقوا الى الاسلام,
وبيطوا أيمانهم الى يمين الرسول صلى الله عليه وسلم, مبايعين ومتحدّين
قريش بكل ما معها من بأس وقدرة على الانتقام..
وفي الأيام الأولى للدعوة.ز أيام العسرة والهول, صمد عتبة بن غزوان, مع اخوانه ذلك الصمود الجليل الذي
صار فيما بعد زادا للضمير الانساني يتغذى به وينمو على مر الأزمان..
ولما أمر رسول الله عليه الصلاة والسلام أصحابه بالهجرة الى الحبشة, خرج عتبة مع المهاجرين..
بيد أن شوقه الى النبي صلى الله عليه وسلم لم يدعه يستقر هناك, فسرعان ما طوى البرّ والبحر عائدا الى
مكة, حيث لبث فيها بجوار الرسول حتى جاء ميقات الهجرة الى المدينة, فهاجر عتبة مع المسلمين..
ومنذ بدأت قريش تحرشاتها فحروبها, وعتبة حامل رماحه ونباله, يرمي بها في أستاذية خارقة, ويسهم مع
اخوانه المؤمنين في هدم العالم القديم بكل أوثانه وبهتانه..
ولم يضع سلاحه يوم رحل عنهم الرسول الكريم الى الرفيق الأعلى, بل ظل يضرب في الأرض, وكان له مع
جيوش الفرس جهاد عظيم..
أرسله أمير المؤمنين عمر الى الأبلّة ليفتحها, وليطهر أرضها من الفرس الذين كانوا يتخذونها نقطة وثوب
خطرة على قوات الاسلام الزاحفة عبر بلاد الامبراطورية الفارسية, تستخلص منها بلاد الله وعباده..
وقال له عمر وهو يودّعه وجيشه:
" انطلق أنت ومن معك, حتى تأتوا أقصى بلاد العرب, وأدنى بلاد العجم..
وسر على بركة الله ويمنه.. وادع الى الله من أجابك. ومن أبى, فالجزية..
والا فالسيف في غير هوادة.. كابد العدو, واتق الله ربك"..
ومضى عتبة على رأس جيشه الذي لم يكن كبيرا, حتى قدم الأبلّة..
وكان الفرس يحشدون بها جيشا من أقوى جيوشهم..
ونظم عتبة قواته, ووقف في مقدمتها, حاملا رمحه بيده التي لم يعرف الناس لها زلة منذ عرفت الرمي..!!
وصاح في جنده: " الله أكبر, صدق وعده"..
وكأنه كان يقرأ غيبا قريبا, فما هي الا جولات ميمونة استسلمت بعدها الأبلّة وطهرت أرضها من جنود الفرس,
وتحرر أهلها من طغيان طالما أصلاهم سعيرا.. وصدق الله العظيم وعده..!!
احتطّ عتبة مكان الأبلّة مدينة البصرة, وعمّرها وبنى مسجدها العظيم..
وأراد أن يغادر البلاد عائدا الى المدينة, هاربا من الامارة, لكن أمير المؤمنين أمره بالبقاء..
ولبث عتبة مكانه يصلي بالناس, ويفقههم في دينهم, ويحكم بينهم بالعدل, ويضرب لهم أروع المثل في الزهد
والورع والبساطة...
ووقف يحارب الترف والسرف بكل قواه حتى ضجره الذين كانوا تستهويهم المناعم والشهوات..
هنالك وقف عتبة فيهم خطيبا فقال:
" والله, لقد رأيتني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سابع سبعة ومالنا طعام الا ورق الشجر حتى قرحت
أشداقنا.. ولقد رزقت يوما بردة, فشققتها نصفين, أعطيت نصفها سعد بن مالك, ولبست نصفها الآخر"..
كان عتبة يخاف الدنيا على دينه أشد الخوف, وكان يخافها على المسلمين, فراح يحملهم على القناعة
والشظف.
وحاول الكثيرون أن يحوّلوه عن نهجه, ويثيروا في نفسه الشعور بالامارة, وبما للامارة من حق, لا سيما في
تلك البلاد التي لم تتعود من قبل أمراء من هذا اطراز المتقشف الزاهد, والتي تعود أهلها احترام المظاهر
المتعالية المزهوّة.. فكان عتبة يجيبهم قائلا:
" اني أعوذ بالله أن أكون في دنياكم عظيما, وعند الله صغيرا"..!
ولما رأى الضيق على وجوه الناس بسبب صرامته في حملهم على الجادّة والقناعة قال لهم:
" غدا ترون الأمراء من بعدي"..
وجاء موسم الحج, فاستخلف على البصرة أحد اخوانه وخرج حاجا. ولما قضى حجه, سافر الى المدينة,
وهناك سأل أمير المؤمنين أن يعفيه الامارة..
لكن عمر لم يكن يفرّط في هذا الطراز الجليل من الزاهدين الهاربين مما يسيل له لعاب البشر جميعا.
وكان يقول لهم: " تضعون أماناتكم فوق عنقي.. ثم تتركوني وحدي..؟ لا والله لا أعفكيم أبدا"..!!
وهكذا قال لـ عتبة لغزوان..
ولما لم يكن في وسع عتبة الا الطاعة, فقد استقبل راحلته ليركبها راجعا الى البصرة.
لكنه قبل أن يعلو ظهرها, استقبل القبلة, ورفع كفّيه الضارعتين الى السماء ودعا ربه عز وجل ألا يردّه الى
البصرة, ولا الى الامارة أبدا..
واستجيب دعاؤه.. فبينما هو في طريقه الى ولايته أدركه الموت..
وفاضت روحه الى بارئها, مغتبطة بما بذلت وأعطت.. وبما زهدت وعفت..
وبما أتم الله عليها من نعمة.. وبما هيأ لها من ثواب...
الى القاء مع صحابى جليل من اصحاب النبى محمد صلى الله عليه وسلم
غدا ترون الأمراء من بعدي
من بين المسلمين السابقين, والمهاجرين الأولين الى الحبشة, فالمدينة..
ومن بين الرماة الأفذاذ الذين أبلوا في سبيل الله بلاء حسنا, هذا الرجل الفارع الطول, المشرق الوجه, المخبت
القلب عتبة بن غزوان...
كان سابع سبعة سبقوا الى الاسلام,
وبيطوا أيمانهم الى يمين الرسول صلى الله عليه وسلم, مبايعين ومتحدّين
قريش بكل ما معها من بأس وقدرة على الانتقام..
وفي الأيام الأولى للدعوة.ز أيام العسرة والهول, صمد عتبة بن غزوان, مع اخوانه ذلك الصمود الجليل الذي
صار فيما بعد زادا للضمير الانساني يتغذى به وينمو على مر الأزمان..
ولما أمر رسول الله عليه الصلاة والسلام أصحابه بالهجرة الى الحبشة, خرج عتبة مع المهاجرين..
بيد أن شوقه الى النبي صلى الله عليه وسلم لم يدعه يستقر هناك, فسرعان ما طوى البرّ والبحر عائدا الى
مكة, حيث لبث فيها بجوار الرسول حتى جاء ميقات الهجرة الى المدينة, فهاجر عتبة مع المسلمين..
ومنذ بدأت قريش تحرشاتها فحروبها, وعتبة حامل رماحه ونباله, يرمي بها في أستاذية خارقة, ويسهم مع
اخوانه المؤمنين في هدم العالم القديم بكل أوثانه وبهتانه..
ولم يضع سلاحه يوم رحل عنهم الرسول الكريم الى الرفيق الأعلى, بل ظل يضرب في الأرض, وكان له مع
جيوش الفرس جهاد عظيم..
أرسله أمير المؤمنين عمر الى الأبلّة ليفتحها, وليطهر أرضها من الفرس الذين كانوا يتخذونها نقطة وثوب
خطرة على قوات الاسلام الزاحفة عبر بلاد الامبراطورية الفارسية, تستخلص منها بلاد الله وعباده..
وقال له عمر وهو يودّعه وجيشه:
" انطلق أنت ومن معك, حتى تأتوا أقصى بلاد العرب, وأدنى بلاد العجم..
وسر على بركة الله ويمنه.. وادع الى الله من أجابك. ومن أبى, فالجزية..
والا فالسيف في غير هوادة.. كابد العدو, واتق الله ربك"..
ومضى عتبة على رأس جيشه الذي لم يكن كبيرا, حتى قدم الأبلّة..
وكان الفرس يحشدون بها جيشا من أقوى جيوشهم..
ونظم عتبة قواته, ووقف في مقدمتها, حاملا رمحه بيده التي لم يعرف الناس لها زلة منذ عرفت الرمي..!!
وصاح في جنده: " الله أكبر, صدق وعده"..
وكأنه كان يقرأ غيبا قريبا, فما هي الا جولات ميمونة استسلمت بعدها الأبلّة وطهرت أرضها من جنود الفرس,
وتحرر أهلها من طغيان طالما أصلاهم سعيرا.. وصدق الله العظيم وعده..!!
احتطّ عتبة مكان الأبلّة مدينة البصرة, وعمّرها وبنى مسجدها العظيم..
وأراد أن يغادر البلاد عائدا الى المدينة, هاربا من الامارة, لكن أمير المؤمنين أمره بالبقاء..
ولبث عتبة مكانه يصلي بالناس, ويفقههم في دينهم, ويحكم بينهم بالعدل, ويضرب لهم أروع المثل في الزهد
والورع والبساطة...
ووقف يحارب الترف والسرف بكل قواه حتى ضجره الذين كانوا تستهويهم المناعم والشهوات..
هنالك وقف عتبة فيهم خطيبا فقال:
" والله, لقد رأيتني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سابع سبعة ومالنا طعام الا ورق الشجر حتى قرحت
أشداقنا.. ولقد رزقت يوما بردة, فشققتها نصفين, أعطيت نصفها سعد بن مالك, ولبست نصفها الآخر"..
كان عتبة يخاف الدنيا على دينه أشد الخوف, وكان يخافها على المسلمين, فراح يحملهم على القناعة
والشظف.
وحاول الكثيرون أن يحوّلوه عن نهجه, ويثيروا في نفسه الشعور بالامارة, وبما للامارة من حق, لا سيما في
تلك البلاد التي لم تتعود من قبل أمراء من هذا اطراز المتقشف الزاهد, والتي تعود أهلها احترام المظاهر
المتعالية المزهوّة.. فكان عتبة يجيبهم قائلا:
" اني أعوذ بالله أن أكون في دنياكم عظيما, وعند الله صغيرا"..!
ولما رأى الضيق على وجوه الناس بسبب صرامته في حملهم على الجادّة والقناعة قال لهم:
" غدا ترون الأمراء من بعدي"..
وجاء موسم الحج, فاستخلف على البصرة أحد اخوانه وخرج حاجا. ولما قضى حجه, سافر الى المدينة,
وهناك سأل أمير المؤمنين أن يعفيه الامارة..
لكن عمر لم يكن يفرّط في هذا الطراز الجليل من الزاهدين الهاربين مما يسيل له لعاب البشر جميعا.
وكان يقول لهم: " تضعون أماناتكم فوق عنقي.. ثم تتركوني وحدي..؟ لا والله لا أعفكيم أبدا"..!!
وهكذا قال لـ عتبة لغزوان..
ولما لم يكن في وسع عتبة الا الطاعة, فقد استقبل راحلته ليركبها راجعا الى البصرة.
لكنه قبل أن يعلو ظهرها, استقبل القبلة, ورفع كفّيه الضارعتين الى السماء ودعا ربه عز وجل ألا يردّه الى
البصرة, ولا الى الامارة أبدا..
واستجيب دعاؤه.. فبينما هو في طريقه الى ولايته أدركه الموت..
وفاضت روحه الى بارئها, مغتبطة بما بذلت وأعطت.. وبما زهدت وعفت..
وبما أتم الله عليها من نعمة.. وبما هيأ لها من ثواب...
الى القاء مع صحابى جليل من اصحاب النبى محمد صلى الله عليه وسلم
فارس عباد- الــمــــــراقــــب الــــعــــــــــــام
- عدد المساهمات : 479
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
خباب بن الارت
خباب بن الأرت
أستاذ فنّ الفداء
خرج نفر من القرشيين, يغدّون الخطى, ميممين شطر دار خبّاب ليتسلموا منه سيوفهم التي تعاقدوا معه على
صنعها.. وقد كان خباب سيّافا, يصنع السيوف ويبيعها لأهل مكة, ويرسل بها الى الأسواق..
وعلى غير عادة خبّاب الذي لا يكاد يفارق بيته وعمله, لم يجده ذلك النفر من قريش فجلسوا ينتظرونه..
وبعد حين طويل جاء خباب على وجهه علامة استفهام مضيئة, وفي عينيه دموع مغتبطة.. وحيّا ضيوفه
وجلس.. وسألوه عجلين: هل أتممت صنع السيوف يا خباب؟؟
وجفت دموع خباب, وحل مكانها في عينيه سرور متألق, وقال وكأنه يناجي نفسه: ان أمره لعجب..
وعاد القوم يسألونه: أي أمر يا رجل..؟؟ نسألك عن سيوفنا, هل أتممت صنعها..؟؟
ويستوعبهم خبّاب بنظراته الشاردة الحالمة ويقول: هل رأيتموه..؟ هل سمعتم كلامه..؟
وينظر بعضهم لبعض في دهشة وعجب.. ويعود أحدهم فيسأله في خبث:
هل رأيته أنت يا خبّاب..؟؟ويسخر خبّاب من مكر صاحبه, فيردّ عليه السؤال قائلا: من تعني..؟
ويجيب الرجل في غيظ: أعني الذي تعنيه..؟ ويجيب خبّاب بعد اذ أراهم أنه أبعد منالا من أن يستدرج, وأنه
اعترف بايمانه الآن أمامهم, فليس لأنهم خدعوه عن نفسه, واستدرجوا لسانه, بل لأنه رأى الحق وعانقه,
وقرر أن يصدع به ويجهر.. يجيبهم قائلا, وهو هائم في نشوته وغبطة روحه:
أجل... رأيته, وسمعته.. رأيت الحق يتفجر من جوانبه, والنور يتلألأ بين ثناياه..!! وبدأ عملاؤه القرشيون
يفهمون, فصاح به أحدهم: من هذا الذي تتحدث عنه يا عبد أمّ أنمار..؟؟
وأجاب خبّاب في هدء القديسين: ومن سواه, يا أخا العرب.. من سواه في قومك, من يتفجر من جوانبه الحق,
ويخرج النور بين ثناياه..؟! وصاح آخر وهبّ مذعورا: أراك تعني محمدا..
وهز خبّاب رأسه المفعم بالغبطة, وقال: نعم انه هو رسول الله الينا, ليخرجنا من الظلمات الى االنور..
ولا يدري خبّاب ماذا قال بعد هذه الكلمات, ولا ماذا قيل له.. كل ما يذكره أنه أفاق من غيبوبته بعد ساعات
طويلة ليرى زوّاره قد انفضوا.. وجسمه وعظامه تعاني رضوضا وآلاما, ودمه النازف يضمّخ ثوبه وجسده..!!
وحدّقت عيناه الواسعتان فيما حوله.. وكان المكان أضيق من أن يتسع لنظراتهما النافذة, فتحمّل على آلامه,
ونهض شطر الفضاء وأمام باب داره وقف متوكئا على جدارها, وانطلقت عيناه الذكيتان في رحلة طويلة
تحدّقان في الأفق, وتدوران ذات اليمين وذات الشمال..انهما لا تقفان عند الأبعاد المألوفة للناس.. انهما تبحثان
عن البعد المفقود...أجل تبحثان عن البعد المفقود في حياته, وفي حياة الناس الذين معه في مكة, والناس في كل
مكان وزمان..
ترى هل يكون الحديث الذي سمعه من محمد عليه الصلاة والسلام اليوم, هو النور الذي يهدي الى ذلك البعد
المفقود في حياة البشر كافة..؟؟ واستغرق خبّاب في تأمّلات سامية, وتفكير عميق.. ثم عاد الى داخل داره..
عاد يضمّد جراح جسده, ويهيءه لاستقبال تعذيب جديد, وآلام جديدة..!!
ومن ذلك اليوم أخذ خبّاب مكانه العالي بين المعذبين والمضطهدين..
أخذ مكانه العالي بين الذين وقفوا برغم فقرهم, وضعفهم يواجهون كبرياء قريش وعنفها وجنونها..
أخذ مكانه العالي بين الذين غرسوا في قلوبهم سارية الراية التي أخذت تخفق في الأفق الرحيب ناعية عصر
الوثنية, والقيصرية.. مبشرة بأيام المستضعفين والكادحين, الذين سيقفون تحت ظل هذه الراية سواسية مع
أولئك الذين استغلوهم من قبل, وأذاقوهم الحرمان والعذاب..
وفي استبسال عظيم, حمل خبّاب تبعاته كرائد..
يقول الشعبي:
" لقد صبر خبّاب, ولم تلن له أيدي الكفار قناة, فجعلوا يلصقون ظهره العاري بالرضف حتى ذهب لحمه"..!!
أجل كان حظ خبّاب من العذاب كبيرا, ولكن مقاومته وصبره كانا أكبر من العذاب..
لقد حوّل كفار قريش جميع الحديد الذي كان بمنزل خبّاب والذي كان يصنع منه السيوف.. حولوه كله الى قيود
وسلاسل, كان يحمى عليها في النار حتى تستعر وتتوهج, ثم يطوّق بها جسده ويداه وقدماه..
ولقد ذهب يوما مع بعض رفاقه المضطهدين الى رسول الله صلى الله عليه وسلم, لا جوعين من التضحية, بل
راجين العافية, فقالوا:" يا رسول الله.. ألا تستنصر لنا..؟؟" أي تسأل الله لنا النصر والعافية...
ولندع خبّابا يروي لنا النبأ بكلماته:
" شكونا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد ببرد له في ظل الكعبة, فقلنا: يا رسول الله, ألا
تستنصر لنا..؟؟
فجلس صلى الله عليه وسلم, وقد احمرّ وجهه وقال:
قد كان من قبلكم يؤخذ منهم الرجل, فيحفر له في الأرض, ثم يجاء بمنشار, فيجعل فوق رأسه, ما يصرفه ذلك
عن دينه..!!
وليتمّنّ الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء الى حضرموت لا يخشى الله الله عز وجل, والذئب على
غنمه, ولكنكم تعجلون"..!!
سمع خبّاب ورفاقه هذه الكلمات, فازداد ايمانهم واصرارهم وقرروا أن يري كل منهم ربّه ورسوله ما يحبّان
من تصميم وصبر, وتضحية.
وخاض خبّاب معركة الهول صابرا, صامدا, محتسبا.. واستنجد القرشيون أم أنمار سيدة خبّاب التي كان عبدا
لها قبل أن تعتقه, فأقبلت واشتركت في حملة تعذيبه..
وكانت تأخذ الحديد المحمى النلتهب, وتضعه فوق رأسه ونافوخه, وخبّاب يتلوى من الألم, لكنه يكظم أنفاسه,
حتى لا تخرج منه زفرة ترضي غرور جلاديه..!!
ومرّ به رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما, والحديد المحمّى فوق رأسه يلهبه ويشويه, فطار قلبه حنانا
وأسى, ولكن ماذا يملك عليه الصلاة والسلام يومها لخبّاب..؟؟
لا شيء الا أن يثبته ويدعو له..
هنالك رفع الرسول صلى الله عليه وسلم كفيه المبسوطتين الى السماء, وقال: " اللهم أنصر خبّابا"..
ويشاء الله ألا تمضي سوى أيام قليلة حتى ينزل بأم أنمار قصاص عاجل, كأنما جعله القدر نذيرا لها ولغبرها
من الجلادين, ذلك أنها أصيبت بسعار عصيب وغريب جعلها كما يقول المؤرخون تعوي مثل الكلاب..!!
وقيل لها يومئذ لا علاج سوى أن يكوى رأسها بالنار..!!
وهكذا شهد رأسها العنيد سطوة الحديد المحمّى يصبّحه ويمسّيه..!!
**
كانت قريش تقاوم الايمان بالعذاب.. وكان المؤمنون يقاومون العذاب بالتضحية..
وكان خبّاب واحدا من أولئك الذين اصطفتهم المقادير لتجعل منهم أساتذة في فن التضحية والفداء..
ومضى خبّاب ينفق وقته وحياته في خدمة الدين الذي خفقت أعلامه..
ولم يكتف رضي الله عنه في أيام الدعوة الأولى بالعبادة والصلاة, بل استثمر قدرته على التعليم, فكان يغشى
بيوت بعض اخوانه من المؤمنين الذين يكتمون اسلامهم خوفا من بطش قريش, فيقرأ معهم القرآن ويعلمهم
اياه..
ولقد نبغ في دراسة القرآن وهو يتنزل آية آية.. وسورة, سورة حتى ان عبدالله بن مسعود, وهو الذي قال عنه
رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من أراد أن يقرأ القرآن غصّا كما أنزل, فليقراه بقراءة ابن أم عبد"..
نقول: حتى عبد الله بن مسعود كان يعتبر خبّابا مرجعا فيما يتصل بالقرآن حفظا ودراسة..
وهو الذي كان يدرّس القرآن لـ فاكمة بنت الخطاب وزوجها سعيد بن زيد عندام فاجأهم عمر بن الخطاب
متقلدا سيفه الذي خرج به ليصفي حسابه مع الاسلام ورسوله, لكنه لم يكد يتلو القرآن المسطور في الصحيفة
التي كان يعلّم منها خبّاب, حتى صاح صيحته المباركة: " دلوني على محمد"...!!
وسمع خبّاب كلمات عمر هذه, فخرج من مخبئه الذي كان قد توارى فيه وصاح: " يا عمر..
والله اني لأرجوا أن يكون الله قد خصّك بدعوة نبيّه صلى الله عليه وسلم, فاني سمعته بالأمس يقول: اللهم أعز
الاسلام بأحبّ الرجلين اليك.. أبي الحكم بن هشام, وعمربن الخطاب"..
وسأله عمر من فوره: وأين أجد الرسول الآن يا خبّاب: " عند الصفا, في دار الأرقم بن أبي الأرقم"..
ومضى عمر الى حظوظه الوافية, ومصيره العظيم..!!
**
شهد خبّاب بن الأرت جميع المشهد والغزوات مع النبي صلى الله عليه وسلم,
وعاش عمره كله حفيظا على ايمانه ويقينه....
وعندما فاض بيت مال لمسلمين بالمال أيام عمر وعثمان, رضي الله عنهما, كان خبّاب صاحب
راتب كبير بوصفه من المهاجرين لسابقين الى الاسلام..
وقد أتاح هذا الدخل الوفير لخبّاب أن يبتني له دارا بالكوفة, وكان يضع أمواله في مكان ما من الدار يعرفه
أصحابه وروّاده.. وكل من وقعت عليه حاجة, يذهب فيأخذ من المال حاجته..
ومع هذا فقد كان خبّاب لا يرقأ له جفن, ولا تجف له دمعة كلما ذكر الرسول عليه الصلاة والسلام وأصحابه
الذين بذلوا حياهم للله, ثم ظفروا بلقائه قبل أن تفتح الدنيا على المسلمين, وتكثر في أيديهم الأموال.
اسمعوه وهو يتحدث االى عوّاده الذين ذهبوا يعودونه وهو رضي الله عنه في مرض موته.
قالوا له: أبشر يا أبا عبدالله, فانك ملاق اخواتك غدا..
فأجابهم وهو يبكي: " أما انه ليس بي جزع .. ولكنكم ذكّرتموني أقواما, واخوانا, مضوا بأجورهم كلها
ام ينالوا من الدنيا شيئا.. وانّا بقينا بعدهم حتى نلنا من الدنيا ما لم نجد له موضعا الا التراب"..
وأشار الى داره المتواضعة التي بناها. ثم أشار مرة أخرى الى المكان الذي فيه أمواله وقال:
" والله ما شددت عليها من خيط, ولا منعتها من سائل"..!
ثم التفت الى كنفه الذي كان قد أعدّ له, وكان يراه ترفا واسرافا وقال ودموعه تسيل: " أنظروا هذا كفني..
لكنّ حمزة عم الرسول صلى الله عليه وسلم لم يوجد له كفن يوم استشهد الا بردة ملحاء.... اذا جعلت
على رأسه قلصت عن قدميه, واذا جعلت على قدميه قلصت عن رأسه"..!!
**
ومات خبّاب في السنة السابعة والثلاثين للهجرة.. مات أستاذ صناعة السيوف في الجاهلية..
وأستاذ صناعة التضحية والفداء في الاسلام..!!
مات الرجل الذي كان أحد الجماعة الذين نزل القرآن يدافع عنهم, ويحييهم, عندما طلب بعض السادة من
قريش أن يجعل لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما, وللفراء من أمثال :خبّاب, وصهيب, وبلال يوما
آخر. فاذا القرآن العظيم يختص رجال الله هؤلاء في تمجيد لهم وتكريم, وتهل آياته قائلة للرسول الكريم:
( ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه, ما عليك من حسابهم من شيء فتطردهم فتكون
من الظالمين وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا: أهؤلاء منّ الله عليهم من بيننا؟! أليس الله بأعلم بالشاكرين
واذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا, فقل سلام عليكم, كتب ربكم على نفسه الرحمة)..
وهكذا, لم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم يراهم بعد نزول الآيات حتى يبالغ في اكرامهم فيفرش لهم
رداءه, ويربّت على أكتافهم, ويقول لهم: " أهلا بمن أوصاني بهم ربي"..
أجل.. مات واحد من الأبناء البررة لأيام الوحي, وجيل التضحية...
ولعل خير ما نودّعه به, كلمات الامام علي كرّم الله وجهه حين كان عائدا من معركة صفين, فوقعت عيناه
على قبر غضّ رطيب, فسأل: قبر من هذا..؟فأجابوه: انه قبر خبّاب..
فتملاه خاشعا آسيا, وقال: رحم الله خبّابا.. لقد أسلم راغبا. وهاجر طائعا.. وعاش مجاهدا..
أستاذ فنّ الفداء
خرج نفر من القرشيين, يغدّون الخطى, ميممين شطر دار خبّاب ليتسلموا منه سيوفهم التي تعاقدوا معه على
صنعها.. وقد كان خباب سيّافا, يصنع السيوف ويبيعها لأهل مكة, ويرسل بها الى الأسواق..
وعلى غير عادة خبّاب الذي لا يكاد يفارق بيته وعمله, لم يجده ذلك النفر من قريش فجلسوا ينتظرونه..
وبعد حين طويل جاء خباب على وجهه علامة استفهام مضيئة, وفي عينيه دموع مغتبطة.. وحيّا ضيوفه
وجلس.. وسألوه عجلين: هل أتممت صنع السيوف يا خباب؟؟
وجفت دموع خباب, وحل مكانها في عينيه سرور متألق, وقال وكأنه يناجي نفسه: ان أمره لعجب..
وعاد القوم يسألونه: أي أمر يا رجل..؟؟ نسألك عن سيوفنا, هل أتممت صنعها..؟؟
ويستوعبهم خبّاب بنظراته الشاردة الحالمة ويقول: هل رأيتموه..؟ هل سمعتم كلامه..؟
وينظر بعضهم لبعض في دهشة وعجب.. ويعود أحدهم فيسأله في خبث:
هل رأيته أنت يا خبّاب..؟؟ويسخر خبّاب من مكر صاحبه, فيردّ عليه السؤال قائلا: من تعني..؟
ويجيب الرجل في غيظ: أعني الذي تعنيه..؟ ويجيب خبّاب بعد اذ أراهم أنه أبعد منالا من أن يستدرج, وأنه
اعترف بايمانه الآن أمامهم, فليس لأنهم خدعوه عن نفسه, واستدرجوا لسانه, بل لأنه رأى الحق وعانقه,
وقرر أن يصدع به ويجهر.. يجيبهم قائلا, وهو هائم في نشوته وغبطة روحه:
أجل... رأيته, وسمعته.. رأيت الحق يتفجر من جوانبه, والنور يتلألأ بين ثناياه..!! وبدأ عملاؤه القرشيون
يفهمون, فصاح به أحدهم: من هذا الذي تتحدث عنه يا عبد أمّ أنمار..؟؟
وأجاب خبّاب في هدء القديسين: ومن سواه, يا أخا العرب.. من سواه في قومك, من يتفجر من جوانبه الحق,
ويخرج النور بين ثناياه..؟! وصاح آخر وهبّ مذعورا: أراك تعني محمدا..
وهز خبّاب رأسه المفعم بالغبطة, وقال: نعم انه هو رسول الله الينا, ليخرجنا من الظلمات الى االنور..
ولا يدري خبّاب ماذا قال بعد هذه الكلمات, ولا ماذا قيل له.. كل ما يذكره أنه أفاق من غيبوبته بعد ساعات
طويلة ليرى زوّاره قد انفضوا.. وجسمه وعظامه تعاني رضوضا وآلاما, ودمه النازف يضمّخ ثوبه وجسده..!!
وحدّقت عيناه الواسعتان فيما حوله.. وكان المكان أضيق من أن يتسع لنظراتهما النافذة, فتحمّل على آلامه,
ونهض شطر الفضاء وأمام باب داره وقف متوكئا على جدارها, وانطلقت عيناه الذكيتان في رحلة طويلة
تحدّقان في الأفق, وتدوران ذات اليمين وذات الشمال..انهما لا تقفان عند الأبعاد المألوفة للناس.. انهما تبحثان
عن البعد المفقود...أجل تبحثان عن البعد المفقود في حياته, وفي حياة الناس الذين معه في مكة, والناس في كل
مكان وزمان..
ترى هل يكون الحديث الذي سمعه من محمد عليه الصلاة والسلام اليوم, هو النور الذي يهدي الى ذلك البعد
المفقود في حياة البشر كافة..؟؟ واستغرق خبّاب في تأمّلات سامية, وتفكير عميق.. ثم عاد الى داخل داره..
عاد يضمّد جراح جسده, ويهيءه لاستقبال تعذيب جديد, وآلام جديدة..!!
ومن ذلك اليوم أخذ خبّاب مكانه العالي بين المعذبين والمضطهدين..
أخذ مكانه العالي بين الذين وقفوا برغم فقرهم, وضعفهم يواجهون كبرياء قريش وعنفها وجنونها..
أخذ مكانه العالي بين الذين غرسوا في قلوبهم سارية الراية التي أخذت تخفق في الأفق الرحيب ناعية عصر
الوثنية, والقيصرية.. مبشرة بأيام المستضعفين والكادحين, الذين سيقفون تحت ظل هذه الراية سواسية مع
أولئك الذين استغلوهم من قبل, وأذاقوهم الحرمان والعذاب..
وفي استبسال عظيم, حمل خبّاب تبعاته كرائد..
يقول الشعبي:
" لقد صبر خبّاب, ولم تلن له أيدي الكفار قناة, فجعلوا يلصقون ظهره العاري بالرضف حتى ذهب لحمه"..!!
أجل كان حظ خبّاب من العذاب كبيرا, ولكن مقاومته وصبره كانا أكبر من العذاب..
لقد حوّل كفار قريش جميع الحديد الذي كان بمنزل خبّاب والذي كان يصنع منه السيوف.. حولوه كله الى قيود
وسلاسل, كان يحمى عليها في النار حتى تستعر وتتوهج, ثم يطوّق بها جسده ويداه وقدماه..
ولقد ذهب يوما مع بعض رفاقه المضطهدين الى رسول الله صلى الله عليه وسلم, لا جوعين من التضحية, بل
راجين العافية, فقالوا:" يا رسول الله.. ألا تستنصر لنا..؟؟" أي تسأل الله لنا النصر والعافية...
ولندع خبّابا يروي لنا النبأ بكلماته:
" شكونا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد ببرد له في ظل الكعبة, فقلنا: يا رسول الله, ألا
تستنصر لنا..؟؟
فجلس صلى الله عليه وسلم, وقد احمرّ وجهه وقال:
قد كان من قبلكم يؤخذ منهم الرجل, فيحفر له في الأرض, ثم يجاء بمنشار, فيجعل فوق رأسه, ما يصرفه ذلك
عن دينه..!!
وليتمّنّ الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء الى حضرموت لا يخشى الله الله عز وجل, والذئب على
غنمه, ولكنكم تعجلون"..!!
سمع خبّاب ورفاقه هذه الكلمات, فازداد ايمانهم واصرارهم وقرروا أن يري كل منهم ربّه ورسوله ما يحبّان
من تصميم وصبر, وتضحية.
وخاض خبّاب معركة الهول صابرا, صامدا, محتسبا.. واستنجد القرشيون أم أنمار سيدة خبّاب التي كان عبدا
لها قبل أن تعتقه, فأقبلت واشتركت في حملة تعذيبه..
وكانت تأخذ الحديد المحمى النلتهب, وتضعه فوق رأسه ونافوخه, وخبّاب يتلوى من الألم, لكنه يكظم أنفاسه,
حتى لا تخرج منه زفرة ترضي غرور جلاديه..!!
ومرّ به رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما, والحديد المحمّى فوق رأسه يلهبه ويشويه, فطار قلبه حنانا
وأسى, ولكن ماذا يملك عليه الصلاة والسلام يومها لخبّاب..؟؟
لا شيء الا أن يثبته ويدعو له..
هنالك رفع الرسول صلى الله عليه وسلم كفيه المبسوطتين الى السماء, وقال: " اللهم أنصر خبّابا"..
ويشاء الله ألا تمضي سوى أيام قليلة حتى ينزل بأم أنمار قصاص عاجل, كأنما جعله القدر نذيرا لها ولغبرها
من الجلادين, ذلك أنها أصيبت بسعار عصيب وغريب جعلها كما يقول المؤرخون تعوي مثل الكلاب..!!
وقيل لها يومئذ لا علاج سوى أن يكوى رأسها بالنار..!!
وهكذا شهد رأسها العنيد سطوة الحديد المحمّى يصبّحه ويمسّيه..!!
**
كانت قريش تقاوم الايمان بالعذاب.. وكان المؤمنون يقاومون العذاب بالتضحية..
وكان خبّاب واحدا من أولئك الذين اصطفتهم المقادير لتجعل منهم أساتذة في فن التضحية والفداء..
ومضى خبّاب ينفق وقته وحياته في خدمة الدين الذي خفقت أعلامه..
ولم يكتف رضي الله عنه في أيام الدعوة الأولى بالعبادة والصلاة, بل استثمر قدرته على التعليم, فكان يغشى
بيوت بعض اخوانه من المؤمنين الذين يكتمون اسلامهم خوفا من بطش قريش, فيقرأ معهم القرآن ويعلمهم
اياه..
ولقد نبغ في دراسة القرآن وهو يتنزل آية آية.. وسورة, سورة حتى ان عبدالله بن مسعود, وهو الذي قال عنه
رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من أراد أن يقرأ القرآن غصّا كما أنزل, فليقراه بقراءة ابن أم عبد"..
نقول: حتى عبد الله بن مسعود كان يعتبر خبّابا مرجعا فيما يتصل بالقرآن حفظا ودراسة..
وهو الذي كان يدرّس القرآن لـ فاكمة بنت الخطاب وزوجها سعيد بن زيد عندام فاجأهم عمر بن الخطاب
متقلدا سيفه الذي خرج به ليصفي حسابه مع الاسلام ورسوله, لكنه لم يكد يتلو القرآن المسطور في الصحيفة
التي كان يعلّم منها خبّاب, حتى صاح صيحته المباركة: " دلوني على محمد"...!!
وسمع خبّاب كلمات عمر هذه, فخرج من مخبئه الذي كان قد توارى فيه وصاح: " يا عمر..
والله اني لأرجوا أن يكون الله قد خصّك بدعوة نبيّه صلى الله عليه وسلم, فاني سمعته بالأمس يقول: اللهم أعز
الاسلام بأحبّ الرجلين اليك.. أبي الحكم بن هشام, وعمربن الخطاب"..
وسأله عمر من فوره: وأين أجد الرسول الآن يا خبّاب: " عند الصفا, في دار الأرقم بن أبي الأرقم"..
ومضى عمر الى حظوظه الوافية, ومصيره العظيم..!!
**
شهد خبّاب بن الأرت جميع المشهد والغزوات مع النبي صلى الله عليه وسلم,
وعاش عمره كله حفيظا على ايمانه ويقينه....
وعندما فاض بيت مال لمسلمين بالمال أيام عمر وعثمان, رضي الله عنهما, كان خبّاب صاحب
راتب كبير بوصفه من المهاجرين لسابقين الى الاسلام..
وقد أتاح هذا الدخل الوفير لخبّاب أن يبتني له دارا بالكوفة, وكان يضع أمواله في مكان ما من الدار يعرفه
أصحابه وروّاده.. وكل من وقعت عليه حاجة, يذهب فيأخذ من المال حاجته..
ومع هذا فقد كان خبّاب لا يرقأ له جفن, ولا تجف له دمعة كلما ذكر الرسول عليه الصلاة والسلام وأصحابه
الذين بذلوا حياهم للله, ثم ظفروا بلقائه قبل أن تفتح الدنيا على المسلمين, وتكثر في أيديهم الأموال.
اسمعوه وهو يتحدث االى عوّاده الذين ذهبوا يعودونه وهو رضي الله عنه في مرض موته.
قالوا له: أبشر يا أبا عبدالله, فانك ملاق اخواتك غدا..
فأجابهم وهو يبكي: " أما انه ليس بي جزع .. ولكنكم ذكّرتموني أقواما, واخوانا, مضوا بأجورهم كلها
ام ينالوا من الدنيا شيئا.. وانّا بقينا بعدهم حتى نلنا من الدنيا ما لم نجد له موضعا الا التراب"..
وأشار الى داره المتواضعة التي بناها. ثم أشار مرة أخرى الى المكان الذي فيه أمواله وقال:
" والله ما شددت عليها من خيط, ولا منعتها من سائل"..!
ثم التفت الى كنفه الذي كان قد أعدّ له, وكان يراه ترفا واسرافا وقال ودموعه تسيل: " أنظروا هذا كفني..
لكنّ حمزة عم الرسول صلى الله عليه وسلم لم يوجد له كفن يوم استشهد الا بردة ملحاء.... اذا جعلت
على رأسه قلصت عن قدميه, واذا جعلت على قدميه قلصت عن رأسه"..!!
**
ومات خبّاب في السنة السابعة والثلاثين للهجرة.. مات أستاذ صناعة السيوف في الجاهلية..
وأستاذ صناعة التضحية والفداء في الاسلام..!!
مات الرجل الذي كان أحد الجماعة الذين نزل القرآن يدافع عنهم, ويحييهم, عندما طلب بعض السادة من
قريش أن يجعل لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما, وللفراء من أمثال :خبّاب, وصهيب, وبلال يوما
آخر. فاذا القرآن العظيم يختص رجال الله هؤلاء في تمجيد لهم وتكريم, وتهل آياته قائلة للرسول الكريم:
( ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه, ما عليك من حسابهم من شيء فتطردهم فتكون
من الظالمين وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا: أهؤلاء منّ الله عليهم من بيننا؟! أليس الله بأعلم بالشاكرين
واذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا, فقل سلام عليكم, كتب ربكم على نفسه الرحمة)..
وهكذا, لم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم يراهم بعد نزول الآيات حتى يبالغ في اكرامهم فيفرش لهم
رداءه, ويربّت على أكتافهم, ويقول لهم: " أهلا بمن أوصاني بهم ربي"..
أجل.. مات واحد من الأبناء البررة لأيام الوحي, وجيل التضحية...
ولعل خير ما نودّعه به, كلمات الامام علي كرّم الله وجهه حين كان عائدا من معركة صفين, فوقعت عيناه
على قبر غضّ رطيب, فسأل: قبر من هذا..؟فأجابوه: انه قبر خبّاب..
فتملاه خاشعا آسيا, وقال: رحم الله خبّابا.. لقد أسلم راغبا. وهاجر طائعا.. وعاش مجاهدا..
فارس عباد- الــمــــــراقــــب الــــعــــــــــــام
- عدد المساهمات : 479
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
صحابى جديد من اصحاب النبى محمد صلى الله عليه وسلم
أتذكرون سعيد بن عامر..؟؟
ذلك الزاهد العابد الأوّاب الذي حمله أمير المؤمنين عمر على قبول امارة الشام وولايتها..
لقد تحدثنا عنه في كتابنا هذا، ورأينا من زهده وترفعه، ومن ورعه العجب كله..
وها نحن أولاء، نلتقي على هذه الصفات بأخ له، بل توأم، في الورع وفي الزهد، وفي الترفع.. وفي عظمة النفس التي تجل عن النظير..!!
انه عمير بن سعد..
كان المسلمون يلقبونه نسيج وحده!!
وناهيك برجل يجمع على تلقيبه بهذا اللقب أصحاب رسول الله، وبما معهم من فضل وفهم ونور..!!
أبوه سعد القارئ رضي الله عنه.. شهد بدرا مع رسول الله والمشاهد بعدها.. وظلّ أمينا على العهد حتى لقي الله شهيدا في موقعة القادسية.
ولقد اصطحب ابنه الى الرسول، فبايع النبي وأسلم..
ومنذ أسلم عمير وهو عابد مقيم في محراب الله.
يهرب من الأضواء، ويفيئ الى سكينة الظلال.
هيهات أن تعثر عليه في الصفوف الأولى، الا أن تكون صلاة، فهو يرابط في صفها الأول ليأخذ ثواب السابقين.. والا أن يكون جهاد، فهو يهرول الى الصفوف الأولى، راجيا أن يكون من المستشهدين..!
وفيما عدا هذا، فهو هناك عاكف على نفسه ينمي برّها، وخيرها وصلاحها وتقاها..!!
متبتل، ينشد أوبه..!!
أوّاب، يبكي ذنبه..!!
مسافر الى الله في كل ظعن، وفي كل مقام...
ولقد جعل الله له في قلوب الأصحاب ودّا، فكان قرّة أعينهم ومهوى أفئدتهم..
ذلم أن قوة ايمانه، وصفاء نفسه، وهدوء سمته، وعبير خصاله، واشراق طلعته، كان يجعله فرحة وبهجة لكل من يجالسه، أ، يراه.
ولم يكن يؤثر على دينه أحدا، ولا شيئا.
سمع يوما جلاس بن سويد بن الصامت، وكان قريبا له.. سمعه يوما وهو في دارهم يقول:" لئن كان الرجل صادقا، لنحن شرّ من الحمر"..!!
وكان يعني بالرجل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكان جلاس من الذين دخلوا الاسلام رهبا.
سمع عمير بن سعد هذه العبارات ففجرت في نفسه الوديعة الهادئة الغيظ والحيرة..
الغيظ، لأن واحدا يزعم أنه من المسلمين يتناول الرسول بهذه اللهجة الرديئة..
والحيرة، لأن خواطره دارت سريعا على مسؤوليته تجاه هذا الذي سمع وأنكر..
ينقل ما سمع الى رسول الله؟؟
كيف، والمجالس بالأمانة..؟؟
أيسكت ويطوي صدره ما سمع؟
كيف؟؟
وأين ولاؤه ووفاؤه للرسول الذي هداهم الله به من ضلالة، وأخرجهم من ظلمة..؟
لكن حيرته لم تطل، فصدق النفس يجددائما لصاحبه مخرجا..
وعلى الفور تصرّف عمير كرجل قوي، وكمؤمن تقي..
فوجه حديثه الى جلاس بن سويد..
" والله يا جلا، انك لمن أحب الناس الي، وأحسنهم عندي يدا، وأعزهم عليّ أن يصيبه شيء يكرهه..
ولقد قلت الآن مقالة لو أذعتها عنك لآذتك.. وان صمتّ عليها، ليهلكن ديني، وان حق الدين لأولى بالوفاء، واني مبلغ رسول الله ما قلت"..!
وأرضى عمير ضميره الورع تماما..
فهو أولا أدّى أمانة المجلس حقها، وارتفع بنفسه الكبيرة عن ان يقوم بدور المتسمّع الواشي..
وهو ثانيا أدى لدينه حقه، فكشف عن نفاق مريب..
وهو ثالثا أعطى جلاس فرصة للرجوع عن خطئه واستغفار الله منه حين صارحه بأنه سيبلغ الرسول صلى الله عليه وسلم، ولو أنه فعل آنئذ، لاستراح ضمير عمير ولم تعد به حاجة لابلاغ الرسول عليه السلام..
بيد أن جلاسا أخذته العزة بالاثم، ولم تتحرك شفتاه بكلمة أسف أو اعتذار، وغادرهم عمير وهو يقول:
" لأبلغنّ رسول الله قبل أن ينزل وحي يشركني في اثمك"...
وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في طلب جلاس فأنكر أنه قال، بل حلف بالله كاذبا..!!
لكن آية القرآن جاءت تفصل بين الحق والباطل:
( يحلفون بالله ما قالوا.. ولقد قالوا كلمة الكفر، وكفروا بعد اسلامهم، وهمّوا بما لم ينالوا.. وما نقموا الا أن أغناهم الله ورسوله من فضله.. فان يتوبوا خيرا لهم، وان يتولوا يعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا والآخرة،وما لهم في الأرض من ولي ولا نصير)..
واضطر جلاس أن يعترف بمقاله، وأن يعتذر عن خطيئته، لا سيما حين رأى الآية الكريمة التي تقرر ادانته، تعده في نفس اللحظة برحمة اله ان تاب هو وأقلع:
" فان يتوبوا، يك خيرا لهم"..
وكان تصرّف عمير هذا خيرا وبركة على جلاس فقد تاب وحسن اسلامه..
وأخذ النبي بأذن عمير وقال له وهو يغمره بسناه:
" يا غلام..
وفت اذنك..
وصدّقك ربك"..!!
لقد سعدت بلقاء عمير لأول مرة، وأنا أكتب كتابي بين يدي عمر.
وبهرني، كما لم يبهرني شيء، نبأه مع أمير المؤمنين.. هذا النبأ الذي سأرويه الآن لكم، لتشهدوا من خلاله العظمة في أبهى مشارقها..
تعلمون أن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه كان يختار ولاته وكأنه يختار قدره..!!
كان يختارهم من الزاهدين الورعين، والأمناء الصادقين.. الذين يهربون من الامارة والولاية، ولا يقبلونها الا حين يكرههم عليها أمير المؤمنين..
وكان برغم بصيرته النافذة وخبرته المحيطة يستأني طويلا، ويدقق كثيرا في اختيار ولاته ومعاونيه..
وكان لا يفتأ يردد عبارته المأثورة:
" أريد رجلا اذا كان في القوم، وليس أميرا عليهم بدا وكأنه أميرهم.. واذا كان فيهم وهو عليهم امير، بدا وكأنه واحد منهم..!!
أريد واليا، لا يميز نفسه على الناس في ملبس، ولا في مطعم، ولا في مسكن..
يقيم فيهم الصلاة.. ويقسم بينهم بالحق.. ويحكم فيهم بالعدل.. ولا يغلق بابه دون حوائجهم"..
وفي ضوء هذه المعايير الصارمة، اختار ذات يوم عمير بن سعد واليا على حمص..
وحاول عمير أن يخلص منها وينجو، ولكن أمير المؤمنين ألزمه بها الزاما، وفرضها عليه فرضا..
واستخار الله ،ومضى الى واجبه وعمله..
وفي حمص مضى عليه عام كامل، لم يصل الى المدينة منه خراج..
بل ولم يبلغ أمير المؤمنين رضي الله عنه منه كتاب..
ونادى أمير المؤمنين كاتبه وقال له:
" اكتب الى عمير ليأتي الينا"..
وهنا أستأذنكم في أن أنقل صورة اللقاء بين عمر وعمير، كما هي في كتابي بين يدي عمر.
" ذات يوم شهدت شوارع المدينة رجلا أشعث أغبر، تغشاه وعثاء السفر، يكاذ يقتلع خطاه من الأرض اقتلاعا، من طول ما لاقى من عناء، وما بذل من جهد..
على كتفه اليمنى جراب وقصعة..
وعلى كتفه اليسرى قربة صغيرة فيها ماء..!
وانه ليتوكأ على عصا، لا يؤدها حمله الضامر الوهنان..!!
ودلف الى مجلس عمر فى خطى وئيدة..
السلام عليك يا امير المؤمنين..
ويرد عمر السلام، ثم يسأله، وقد آلمه ما رآه عليه من جهد واعياء:
ما شأنك يا عمير..؟؟
شأني ما ترى.. ألست تراني صحيح البدن، طاهر الدم، معي الدنيا أجرّها بقرنيها..؟؟!!
قال عمر: وما معك..؟
قال عمير: معي جرابي أحمل فيه زادي..
وقصعتي آكل فيها.. واداوتي أحمل فيها وضوئي وشرابي.. وعصاي أتوكأ عليها، وأجاهد بها عدوّا ان عرض.. فوالله ما الدنيا الا تبع لمتاعي..!!
قال عمر: أجئت ماشيا..
عمير: نعم..
عمر: أولم تجد من يعطيك دابة تركبها..؟
عمير: انهم لم يفعلوا.. واني لم أسألهم..
عمر: فماذا عملت فيما عهدنا اليك به...؟
عمير: أتيت البلد الذي يعثتني اليه، فجمعت صلحاء أهله، ووليتهم جباية فيئهم وأموالهم، حتى اذا جمعوها وضعوها في مواضعها.. ولو بقي لك منها شيء لأتيتك به..!!
عمر: فما جئتنا بشيء..؟
عمير: لا..
فصاح عمر وهو منبهر سعيد:
جدّدوا لعمير عهدا..
وأجابه عمير في استغناء عظيم:
تلك أيام قد خلت.. لا عملت لك، ولا لأحد بعدك"..!!
هذه لصورة ليست سيناريو نرسمه، وليست حوارا نبتدعه.. انما هي واقعة تاريخية، شهدتها ذات يوم أرض المدينة عاصمة الاسلام في أيام خلده وعظمته.
فأي طراز من الرجال كان أولئك الأفذاذ الشاهقون..؟!!
وكان عمر رضي الله عنه يتمنى ويقول:
" وددت لو أن لي رجالا مثل عمير أستعين بهم على أعمال المسلمين"..
ذلك أن عميرا الذي وصفه أصحابه بحق بأنه نسيج وحده كان قد تفوّق على كل ضعف انساني يسببه وجودنا المادي، وحياتنا الشائكة..
ويوم كتب على هذا القدّيس العظيم أن يجتاز تجربة الولاية والحكم، لم يزدد ورعه بها اا مضاء ونماء وتألقا..
ولقد رسم وهو أمير على حمص واجبات الحاكم المسلم في كلمات طالما كان يصدح بها في حشود المسلمين من فوق المنبر.
وها هي ذي:
" ألا ان الاسلام حائط منيع، وباب وثيق
فحائط الاسلام العدل.. وبابه الحق..
فاذا نقض الحائط، وحطّم الباب، استفتح الاسلام.
ولا يزال الاسلام منيعا ما اشتدّ السلطان
وليست شدّة السلطان قتلا بالسيف، ولا ضربا بالسوط..
ولكن قضاء بالحق، وأخذا بالعدل"..!!
والآن نحن نودّع عميرا.. ونجييه في اجلال وخشوع، تعالوا نهدي خير صلاتنا وسلامنا:
لخير المعلمين: محمد..
لامام المتقين: محمد..
لرحمة الله المهداة الى الناس في قيظ الحياة
عليه من الله صلاته. وسلامه..
وتحياته وبركاته..
وسلام على آله الآطهار..
وسلام على أصحابه الأبرار...
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ذلك الزاهد العابد الأوّاب الذي حمله أمير المؤمنين عمر على قبول امارة الشام وولايتها..
لقد تحدثنا عنه في كتابنا هذا، ورأينا من زهده وترفعه، ومن ورعه العجب كله..
وها نحن أولاء، نلتقي على هذه الصفات بأخ له، بل توأم، في الورع وفي الزهد، وفي الترفع.. وفي عظمة النفس التي تجل عن النظير..!!
انه عمير بن سعد..
كان المسلمون يلقبونه نسيج وحده!!
وناهيك برجل يجمع على تلقيبه بهذا اللقب أصحاب رسول الله، وبما معهم من فضل وفهم ونور..!!
أبوه سعد القارئ رضي الله عنه.. شهد بدرا مع رسول الله والمشاهد بعدها.. وظلّ أمينا على العهد حتى لقي الله شهيدا في موقعة القادسية.
ولقد اصطحب ابنه الى الرسول، فبايع النبي وأسلم..
ومنذ أسلم عمير وهو عابد مقيم في محراب الله.
يهرب من الأضواء، ويفيئ الى سكينة الظلال.
هيهات أن تعثر عليه في الصفوف الأولى، الا أن تكون صلاة، فهو يرابط في صفها الأول ليأخذ ثواب السابقين.. والا أن يكون جهاد، فهو يهرول الى الصفوف الأولى، راجيا أن يكون من المستشهدين..!
وفيما عدا هذا، فهو هناك عاكف على نفسه ينمي برّها، وخيرها وصلاحها وتقاها..!!
متبتل، ينشد أوبه..!!
أوّاب، يبكي ذنبه..!!
مسافر الى الله في كل ظعن، وفي كل مقام...
ولقد جعل الله له في قلوب الأصحاب ودّا، فكان قرّة أعينهم ومهوى أفئدتهم..
ذلم أن قوة ايمانه، وصفاء نفسه، وهدوء سمته، وعبير خصاله، واشراق طلعته، كان يجعله فرحة وبهجة لكل من يجالسه، أ، يراه.
ولم يكن يؤثر على دينه أحدا، ولا شيئا.
سمع يوما جلاس بن سويد بن الصامت، وكان قريبا له.. سمعه يوما وهو في دارهم يقول:" لئن كان الرجل صادقا، لنحن شرّ من الحمر"..!!
وكان يعني بالرجل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكان جلاس من الذين دخلوا الاسلام رهبا.
سمع عمير بن سعد هذه العبارات ففجرت في نفسه الوديعة الهادئة الغيظ والحيرة..
الغيظ، لأن واحدا يزعم أنه من المسلمين يتناول الرسول بهذه اللهجة الرديئة..
والحيرة، لأن خواطره دارت سريعا على مسؤوليته تجاه هذا الذي سمع وأنكر..
ينقل ما سمع الى رسول الله؟؟
كيف، والمجالس بالأمانة..؟؟
أيسكت ويطوي صدره ما سمع؟
كيف؟؟
وأين ولاؤه ووفاؤه للرسول الذي هداهم الله به من ضلالة، وأخرجهم من ظلمة..؟
لكن حيرته لم تطل، فصدق النفس يجددائما لصاحبه مخرجا..
وعلى الفور تصرّف عمير كرجل قوي، وكمؤمن تقي..
فوجه حديثه الى جلاس بن سويد..
" والله يا جلا، انك لمن أحب الناس الي، وأحسنهم عندي يدا، وأعزهم عليّ أن يصيبه شيء يكرهه..
ولقد قلت الآن مقالة لو أذعتها عنك لآذتك.. وان صمتّ عليها، ليهلكن ديني، وان حق الدين لأولى بالوفاء، واني مبلغ رسول الله ما قلت"..!
وأرضى عمير ضميره الورع تماما..
فهو أولا أدّى أمانة المجلس حقها، وارتفع بنفسه الكبيرة عن ان يقوم بدور المتسمّع الواشي..
وهو ثانيا أدى لدينه حقه، فكشف عن نفاق مريب..
وهو ثالثا أعطى جلاس فرصة للرجوع عن خطئه واستغفار الله منه حين صارحه بأنه سيبلغ الرسول صلى الله عليه وسلم، ولو أنه فعل آنئذ، لاستراح ضمير عمير ولم تعد به حاجة لابلاغ الرسول عليه السلام..
بيد أن جلاسا أخذته العزة بالاثم، ولم تتحرك شفتاه بكلمة أسف أو اعتذار، وغادرهم عمير وهو يقول:
" لأبلغنّ رسول الله قبل أن ينزل وحي يشركني في اثمك"...
وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في طلب جلاس فأنكر أنه قال، بل حلف بالله كاذبا..!!
لكن آية القرآن جاءت تفصل بين الحق والباطل:
( يحلفون بالله ما قالوا.. ولقد قالوا كلمة الكفر، وكفروا بعد اسلامهم، وهمّوا بما لم ينالوا.. وما نقموا الا أن أغناهم الله ورسوله من فضله.. فان يتوبوا خيرا لهم، وان يتولوا يعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا والآخرة،وما لهم في الأرض من ولي ولا نصير)..
واضطر جلاس أن يعترف بمقاله، وأن يعتذر عن خطيئته، لا سيما حين رأى الآية الكريمة التي تقرر ادانته، تعده في نفس اللحظة برحمة اله ان تاب هو وأقلع:
" فان يتوبوا، يك خيرا لهم"..
وكان تصرّف عمير هذا خيرا وبركة على جلاس فقد تاب وحسن اسلامه..
وأخذ النبي بأذن عمير وقال له وهو يغمره بسناه:
" يا غلام..
وفت اذنك..
وصدّقك ربك"..!!
لقد سعدت بلقاء عمير لأول مرة، وأنا أكتب كتابي بين يدي عمر.
وبهرني، كما لم يبهرني شيء، نبأه مع أمير المؤمنين.. هذا النبأ الذي سأرويه الآن لكم، لتشهدوا من خلاله العظمة في أبهى مشارقها..
تعلمون أن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه كان يختار ولاته وكأنه يختار قدره..!!
كان يختارهم من الزاهدين الورعين، والأمناء الصادقين.. الذين يهربون من الامارة والولاية، ولا يقبلونها الا حين يكرههم عليها أمير المؤمنين..
وكان برغم بصيرته النافذة وخبرته المحيطة يستأني طويلا، ويدقق كثيرا في اختيار ولاته ومعاونيه..
وكان لا يفتأ يردد عبارته المأثورة:
" أريد رجلا اذا كان في القوم، وليس أميرا عليهم بدا وكأنه أميرهم.. واذا كان فيهم وهو عليهم امير، بدا وكأنه واحد منهم..!!
أريد واليا، لا يميز نفسه على الناس في ملبس، ولا في مطعم، ولا في مسكن..
يقيم فيهم الصلاة.. ويقسم بينهم بالحق.. ويحكم فيهم بالعدل.. ولا يغلق بابه دون حوائجهم"..
وفي ضوء هذه المعايير الصارمة، اختار ذات يوم عمير بن سعد واليا على حمص..
وحاول عمير أن يخلص منها وينجو، ولكن أمير المؤمنين ألزمه بها الزاما، وفرضها عليه فرضا..
واستخار الله ،ومضى الى واجبه وعمله..
وفي حمص مضى عليه عام كامل، لم يصل الى المدينة منه خراج..
بل ولم يبلغ أمير المؤمنين رضي الله عنه منه كتاب..
ونادى أمير المؤمنين كاتبه وقال له:
" اكتب الى عمير ليأتي الينا"..
وهنا أستأذنكم في أن أنقل صورة اللقاء بين عمر وعمير، كما هي في كتابي بين يدي عمر.
" ذات يوم شهدت شوارع المدينة رجلا أشعث أغبر، تغشاه وعثاء السفر، يكاذ يقتلع خطاه من الأرض اقتلاعا، من طول ما لاقى من عناء، وما بذل من جهد..
على كتفه اليمنى جراب وقصعة..
وعلى كتفه اليسرى قربة صغيرة فيها ماء..!
وانه ليتوكأ على عصا، لا يؤدها حمله الضامر الوهنان..!!
ودلف الى مجلس عمر فى خطى وئيدة..
السلام عليك يا امير المؤمنين..
ويرد عمر السلام، ثم يسأله، وقد آلمه ما رآه عليه من جهد واعياء:
ما شأنك يا عمير..؟؟
شأني ما ترى.. ألست تراني صحيح البدن، طاهر الدم، معي الدنيا أجرّها بقرنيها..؟؟!!
قال عمر: وما معك..؟
قال عمير: معي جرابي أحمل فيه زادي..
وقصعتي آكل فيها.. واداوتي أحمل فيها وضوئي وشرابي.. وعصاي أتوكأ عليها، وأجاهد بها عدوّا ان عرض.. فوالله ما الدنيا الا تبع لمتاعي..!!
قال عمر: أجئت ماشيا..
عمير: نعم..
عمر: أولم تجد من يعطيك دابة تركبها..؟
عمير: انهم لم يفعلوا.. واني لم أسألهم..
عمر: فماذا عملت فيما عهدنا اليك به...؟
عمير: أتيت البلد الذي يعثتني اليه، فجمعت صلحاء أهله، ووليتهم جباية فيئهم وأموالهم، حتى اذا جمعوها وضعوها في مواضعها.. ولو بقي لك منها شيء لأتيتك به..!!
عمر: فما جئتنا بشيء..؟
عمير: لا..
فصاح عمر وهو منبهر سعيد:
جدّدوا لعمير عهدا..
وأجابه عمير في استغناء عظيم:
تلك أيام قد خلت.. لا عملت لك، ولا لأحد بعدك"..!!
هذه لصورة ليست سيناريو نرسمه، وليست حوارا نبتدعه.. انما هي واقعة تاريخية، شهدتها ذات يوم أرض المدينة عاصمة الاسلام في أيام خلده وعظمته.
فأي طراز من الرجال كان أولئك الأفذاذ الشاهقون..؟!!
وكان عمر رضي الله عنه يتمنى ويقول:
" وددت لو أن لي رجالا مثل عمير أستعين بهم على أعمال المسلمين"..
ذلك أن عميرا الذي وصفه أصحابه بحق بأنه نسيج وحده كان قد تفوّق على كل ضعف انساني يسببه وجودنا المادي، وحياتنا الشائكة..
ويوم كتب على هذا القدّيس العظيم أن يجتاز تجربة الولاية والحكم، لم يزدد ورعه بها اا مضاء ونماء وتألقا..
ولقد رسم وهو أمير على حمص واجبات الحاكم المسلم في كلمات طالما كان يصدح بها في حشود المسلمين من فوق المنبر.
وها هي ذي:
" ألا ان الاسلام حائط منيع، وباب وثيق
فحائط الاسلام العدل.. وبابه الحق..
فاذا نقض الحائط، وحطّم الباب، استفتح الاسلام.
ولا يزال الاسلام منيعا ما اشتدّ السلطان
وليست شدّة السلطان قتلا بالسيف، ولا ضربا بالسوط..
ولكن قضاء بالحق، وأخذا بالعدل"..!!
والآن نحن نودّع عميرا.. ونجييه في اجلال وخشوع، تعالوا نهدي خير صلاتنا وسلامنا:
لخير المعلمين: محمد..
لامام المتقين: محمد..
لرحمة الله المهداة الى الناس في قيظ الحياة
عليه من الله صلاته. وسلامه..
وتحياته وبركاته..
وسلام على آله الآطهار..
وسلام على أصحابه الأبرار...
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فارس عباد- الــمــــــراقــــب الــــعــــــــــــام
- عدد المساهمات : 479
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
الصحابى الجليل سلمة بن الاكوع
سلمة بن الأكوع
بطل المشاة
أراد ابنه أيّاس أن يلخص فضائله في عبارة واحدة.
فقال: " ماكذب أبي قط"..!!
وحسب انسان أن يحرز هذه الفضيلة, ليأخذ مكانه العالي بين الأبرار والصالحين.
ولقد أحرزها سلمة بن الأكوع وهو جدير بها..
كان سلمة من رماة العرب المعدودين, وكان كذلك من المبرزين في الشجاعة والكرم وفعل الخيرات.
وحين أسلم نفسه للاسلام, أسلمها صادقا منيبا, فصاغها الاسلام على نسقه العظيم.
وسلمة بن الأكوع من أصحاب بيعة الرضوان.
حين خرج الرسول وأصحابه عام ست من الهجرة, قاصدين زيارة البيت الحرام, وتصدّت لهم قلريش تمنعهم.
أرسل النبي اليهم عثمان بن عفان ليخبرهم أن النبي جاء زائرا لا مقاتلا..
وفي انتظار عودة عثمان, سرت اشاعة بأن قريشا قد قتلته,وجلس الرسول في ظل الشجرة يتلقى بيهة أصحابه
واحدا واحدا على الموت..
يقول سلمة: " بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الموت تحت الشجرة,. ثم تنحيّت, فلما خف الناس قال
يا سلمة مالك لا تبايع..؟
قلت: قد بايعت ي رسول الله, قال: وأبضا.. فبايعته". ولقد وفى بالبعة خير وفاء.
بل وفى بها قبل أن يعطيها, منذ شهد أن لا اله الا الله, وأن محمدا رسول الله..
يقول: " غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع زيد بن حارثة تسع غزوات".
كان سلمة من أمهر الذين يقاتلون مشاة, ويرمون بالنبال والرماح,
وكانت طريقته تشبه طريقة بعض حروب العصابات الكبيرة التي تتبع اليوم.. فكان اذا هاجمه عدوه تقهقر
دونه, فاذا أدبر العدو أو وقف يستريح هاجمه في غير هوادة..
وبهذه الطريقة استطاع أن يطارد وحده, القوة التي أغارت على مشارف المدينة بقيادة عيينة بن حصن الفزاري
في الغزوة المعروفة بغزو ذي قرد..
خرج في أثرهم وحده, وظل يقاتلهم ويراوغهم, ويبعدهم عن المدينة حتى أدركه الرسول في قوة وافرة من
أصحابه..
وفي هذا اليوم قال الرسول لأصحابه: " خير رجّالتنا , أي مشاتنا, سلمة بن الأكوع"!!
ولم يعرف سلمة الأسى والجزع الا عند مصرع أخيه عامر بن الأكوع في حرب خيبر..
وكان عامر يرتجز أمام جيش المسلمين هاتفا: لا همّ لولا أنت ما اهتدينا ولا تصدّقنا ولا صلّينا
فأنزلن سكينة علينا وثبت الأقدام ان لاقينا
في تلك المعركة ذهب عامر يضرب بسيفه أحد المشركين فانثنى السيف في يده وأصابت ذوّابته منه مقتلا..
فقال بعض المسلمين: " مسكين عامر حرم الشهادة"
عندئذ لا غير جزع سلمة جزعا شديدا, حين ظنّ كما ظن غيره أن أخاه وقد قتل نفسه خطأ قد حرم أجر الجهاد,
وثواب الشهادة.
لكن الرسول الرحيم سرعان ما وضع الأمرو في نصابها حين ذهب اليه سلمة وقال له: أصحيح يا رسول الله
أن عامرا حبط عمله..؟
فأجابه الرسول عليه السلام: " انه قتل مجاهدا وأن له لأجرين وانه الآن ليسبح في أنهار الجنة"..!!
وكان سلمة على جوده المفيض أكثر ما يكون جوادا اذا سئل بوجه الله..
فلو أن انسانا سأله بوجه الله أن يمنحه حياته, لما تردد في بذلها.
ولقد عرف الناس منه ذلك, فكان أحدهم اذا أراد أن يظفر منه بشيء قال له:
" من لم يعط بوجه الله, فبم يعطي"..؟؟
ويوم قتل عثمان, رضي الله عنه, أدرك المجاهد الشجاع أن أبواب الفتنة قد فتحت على المسلمين.
وما كان له وهو الذي قضى عمره يقاتل بين اخوانه أن يتحول الى مقاتل ضد اخوانه..
أجل ان الرجل الذي حيّا الرسول مهارته في قتال المشركين, ليس من حقه أن يقاتل بهذه المهارة مسلما..
ومن ثمّ, فقد حمل متاعه وغادر المدينة الى الربدة.. نفس المكان الذي اختاره أبو ذر من قبل مهاجرا له
ومصيرا.
وفي الرّبدة عاش سلمة بقية حياته, حتى كان يوم عام أربعة وسبعين من الهجرة, فأخذه السوق الى المدينة
فسافر اليها زائرا, وقضى بها يوما, وثانيا.. وفي اليوم الثالث مات.
وهكذا ناداه ثراها الحبيب الرطيب ليضمّه تحت جوانحه ويؤويه مع من آوى قبله من الرفاق المباركين,
والشهداء الصالحين.
اللهم احشرنا معهم يارب العالمين
بطل المشاة
أراد ابنه أيّاس أن يلخص فضائله في عبارة واحدة.
فقال: " ماكذب أبي قط"..!!
وحسب انسان أن يحرز هذه الفضيلة, ليأخذ مكانه العالي بين الأبرار والصالحين.
ولقد أحرزها سلمة بن الأكوع وهو جدير بها..
كان سلمة من رماة العرب المعدودين, وكان كذلك من المبرزين في الشجاعة والكرم وفعل الخيرات.
وحين أسلم نفسه للاسلام, أسلمها صادقا منيبا, فصاغها الاسلام على نسقه العظيم.
وسلمة بن الأكوع من أصحاب بيعة الرضوان.
حين خرج الرسول وأصحابه عام ست من الهجرة, قاصدين زيارة البيت الحرام, وتصدّت لهم قلريش تمنعهم.
أرسل النبي اليهم عثمان بن عفان ليخبرهم أن النبي جاء زائرا لا مقاتلا..
وفي انتظار عودة عثمان, سرت اشاعة بأن قريشا قد قتلته,وجلس الرسول في ظل الشجرة يتلقى بيهة أصحابه
واحدا واحدا على الموت..
يقول سلمة: " بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الموت تحت الشجرة,. ثم تنحيّت, فلما خف الناس قال
يا سلمة مالك لا تبايع..؟
قلت: قد بايعت ي رسول الله, قال: وأبضا.. فبايعته". ولقد وفى بالبعة خير وفاء.
بل وفى بها قبل أن يعطيها, منذ شهد أن لا اله الا الله, وأن محمدا رسول الله..
يقول: " غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع زيد بن حارثة تسع غزوات".
كان سلمة من أمهر الذين يقاتلون مشاة, ويرمون بالنبال والرماح,
وكانت طريقته تشبه طريقة بعض حروب العصابات الكبيرة التي تتبع اليوم.. فكان اذا هاجمه عدوه تقهقر
دونه, فاذا أدبر العدو أو وقف يستريح هاجمه في غير هوادة..
وبهذه الطريقة استطاع أن يطارد وحده, القوة التي أغارت على مشارف المدينة بقيادة عيينة بن حصن الفزاري
في الغزوة المعروفة بغزو ذي قرد..
خرج في أثرهم وحده, وظل يقاتلهم ويراوغهم, ويبعدهم عن المدينة حتى أدركه الرسول في قوة وافرة من
أصحابه..
وفي هذا اليوم قال الرسول لأصحابه: " خير رجّالتنا , أي مشاتنا, سلمة بن الأكوع"!!
ولم يعرف سلمة الأسى والجزع الا عند مصرع أخيه عامر بن الأكوع في حرب خيبر..
وكان عامر يرتجز أمام جيش المسلمين هاتفا: لا همّ لولا أنت ما اهتدينا ولا تصدّقنا ولا صلّينا
فأنزلن سكينة علينا وثبت الأقدام ان لاقينا
في تلك المعركة ذهب عامر يضرب بسيفه أحد المشركين فانثنى السيف في يده وأصابت ذوّابته منه مقتلا..
فقال بعض المسلمين: " مسكين عامر حرم الشهادة"
عندئذ لا غير جزع سلمة جزعا شديدا, حين ظنّ كما ظن غيره أن أخاه وقد قتل نفسه خطأ قد حرم أجر الجهاد,
وثواب الشهادة.
لكن الرسول الرحيم سرعان ما وضع الأمرو في نصابها حين ذهب اليه سلمة وقال له: أصحيح يا رسول الله
أن عامرا حبط عمله..؟
فأجابه الرسول عليه السلام: " انه قتل مجاهدا وأن له لأجرين وانه الآن ليسبح في أنهار الجنة"..!!
وكان سلمة على جوده المفيض أكثر ما يكون جوادا اذا سئل بوجه الله..
فلو أن انسانا سأله بوجه الله أن يمنحه حياته, لما تردد في بذلها.
ولقد عرف الناس منه ذلك, فكان أحدهم اذا أراد أن يظفر منه بشيء قال له:
" من لم يعط بوجه الله, فبم يعطي"..؟؟
ويوم قتل عثمان, رضي الله عنه, أدرك المجاهد الشجاع أن أبواب الفتنة قد فتحت على المسلمين.
وما كان له وهو الذي قضى عمره يقاتل بين اخوانه أن يتحول الى مقاتل ضد اخوانه..
أجل ان الرجل الذي حيّا الرسول مهارته في قتال المشركين, ليس من حقه أن يقاتل بهذه المهارة مسلما..
ومن ثمّ, فقد حمل متاعه وغادر المدينة الى الربدة.. نفس المكان الذي اختاره أبو ذر من قبل مهاجرا له
ومصيرا.
وفي الرّبدة عاش سلمة بقية حياته, حتى كان يوم عام أربعة وسبعين من الهجرة, فأخذه السوق الى المدينة
فسافر اليها زائرا, وقضى بها يوما, وثانيا.. وفي اليوم الثالث مات.
وهكذا ناداه ثراها الحبيب الرطيب ليضمّه تحت جوانحه ويؤويه مع من آوى قبله من الرفاق المباركين,
والشهداء الصالحين.
اللهم احشرنا معهم يارب العالمين
فارس عباد- الــمــــــراقــــب الــــعــــــــــــام
- عدد المساهمات : 479
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
مواضيع مماثلة
» ماذا يقول الكتاب المقدس عن محمد عليه الصلاة و السلام؟
» لماذا تكرهون النبى محمد صلى الله عليه وسلم ومحمد يحب عيسى بن مريم عليه السلام
» معلومات عن مدينة الحبيب محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم
» كيف استدل هرقل على نبوه رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم
» بعض أدعية حبيبنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
» لماذا تكرهون النبى محمد صلى الله عليه وسلم ومحمد يحب عيسى بن مريم عليه السلام
» معلومات عن مدينة الحبيب محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم
» كيف استدل هرقل على نبوه رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم
» بعض أدعية حبيبنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
مـنـتـدى الـشــبـــــــاب للــتـــواصـــــل :: المنتديات الإسلامية :: خـاص بـالـرسـول الـحـبـيـب مـحـمـد
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت أكتوبر 24, 2015 6:38 pm من طرف bouchra
» الاستغفار فوائده وفضائله
السبت أكتوبر 24, 2015 6:34 pm من طرف bouchra
» هل ما يفعله الشيعه في عاشوراء بدعه وضلاله
السبت أكتوبر 24, 2015 6:29 pm من طرف bouchra
» المسلسل التركي حريم السلطان الجزء الثاني10/1
الجمعة يونيو 26, 2015 11:04 pm من طرف abwsohyla
» ► ■■■ ☼ كيفية فقدان الوزن بشكل طبيعي و سريع و آمن؟؟هام... - المستشار العائلي ☼ ■■■ ◄
الثلاثاء نوفمبر 18, 2014 1:07 pm من طرف Hajarita
» بالصور: مهرجان "كشرى أبو طارق" .. بتاع الغلابة والناس اللى فوق
الجمعة نوفمبر 07, 2014 3:38 pm من طرف Hajarita
» اياكي والكحل اثناء الحمل
الأربعاء سبتمبر 03, 2014 12:07 am من طرف عاشقة
» عيد فطر مبارك
الثلاثاء يوليو 29, 2014 5:57 am من طرف bouchra
» ما أسرع أيامك يا رمضان
الثلاثاء يوليو 22, 2014 10:32 pm من طرف bouchra