إستمع إلى القرآن الكريم
تحديد إتجاه القبلة
الساعة
اليومية
ساعات لجميع الدول
الصحف اليومية
جرائد مغربية |
---|
المواضيع الأخيرة
بحـث
ملاحظة
الجنة التي أخرج منها آدم عليه السلام !!! موضوع للنقاش .
4 مشترك
مـنـتـدى الـشــبـــــــاب للــتـــواصـــــل :: قـضـايـا أمـتـنــا الاسـلامـيــة :: الـحـــوار الاسـلامــي المسيـحــي
صفحة 1 من اصل 1
الجنة التي أخرج منها آدم عليه السلام !!! موضوع للنقاش .
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الجنة التي أخرج منها آدم عليه السلام !!! موضوع للنقاش .
قال تعالى : ( وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ )
هنا يأذن ربنا عز وجل لأبينا آدم الدخول إلى الجنة والسكن فيها والتصرف فيها بشرط عدم الأكل من شجررة محددة
وقال كذلك : (فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه و قلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو و لكم في الأرض مستقر و متاع إلى حين)
السؤال الذي أطرحه هنا هو هل كان آدم عليه السلام يسكن جنة الخلد التي وعد بها المؤمنون كجزاء لهم بعد الموت ، أم يا ترى ربما تكون هذه الجنة في الأرض في مكان ما من الأرض وأخرج منها بعد ما أكل من الشجرة .؟؟؟؟
أدعو جميع الأعضاء للمشاركة في مناقشة هذا الموضوع على إختلاف إنتماأتهم الدينية والفكرية إعتماداً على ما لديهم من حجج ومن معلومات سواء أكانت مستقات من الكتب المقدسة للديانات السماوية أو من أبحاث قام بها علماء ومفكرون .
الجنة التي أخرج منها آدم عليه السلام !!! موضوع للنقاش .
قال تعالى : ( وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ )
هنا يأذن ربنا عز وجل لأبينا آدم الدخول إلى الجنة والسكن فيها والتصرف فيها بشرط عدم الأكل من شجررة محددة
وقال كذلك : (فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه و قلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو و لكم في الأرض مستقر و متاع إلى حين)
السؤال الذي أطرحه هنا هو هل كان آدم عليه السلام يسكن جنة الخلد التي وعد بها المؤمنون كجزاء لهم بعد الموت ، أم يا ترى ربما تكون هذه الجنة في الأرض في مكان ما من الأرض وأخرج منها بعد ما أكل من الشجرة .؟؟؟؟
أدعو جميع الأعضاء للمشاركة في مناقشة هذا الموضوع على إختلاف إنتماأتهم الدينية والفكرية إعتماداً على ما لديهم من حجج ومن معلومات سواء أكانت مستقات من الكتب المقدسة للديانات السماوية أو من أبحاث قام بها علماء ومفكرون .
ملحوظة أطلب من الزوار الذين لهم ما يفيدوننا في الموضوع المبادرة بالتسجيل لتعم الفائدة .
محمد سعيد- الـمديــرالعــام للمنتــدى
- عدد المساهمات : 1291
تاريخ التسجيل : 24/01/2010
الموقع : المغرب
رد: الجنة التي أخرج منها آدم عليه السلام !!! موضوع للنقاش .
جميل... عجيب .. اختيارك للموضوع أيها المشرف المميز
لقد أبدعت في اختيارالموضوع
وأتشرف أن أكون أول المشاركين في موضوعك هذا
يقول تعالى:
(وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ) صدق الله العظيم
كلمة إهبطوا في الآية الكريمة تدل على أنها ليست جنة في الأرض
ولكن قبل خلق آدم وسؤال الملائكة لله عز وجل في الآية الكريمة
تدل على أن الله خلق آدم في الأرض وبالتالي يمكن ان تكون في الارض
اختفت او رفعت او ..... الله اعلم
او ربما الارض كانت كجنة لانها كانت فارغة من الجان والانس ولم يكن فيها خراب ولا فساد من طرف المخلوقات وليس فيها عداوه ولا بغضاء وبهذا الشكل كانت جنة في الارض
هذا بالنسبة للجنة التي طرد منها ادم عليه السلام وزوجه من وجهة نظري ومااستطعت ان اجتهده في وقت وجيز والله وحده أعلم
أما بخصوص جنة الخلد التي وعدناالله بها فبالتأكيد في السماء
اتمنى ان نجد جوابا شافيا يينيا بحول الله لنعرف
وشكرالك مرة اخرى على الموضوع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
تـحـيـــــــاتــي اخ محمد
لقد أبدعت في اختيارالموضوع
وأتشرف أن أكون أول المشاركين في موضوعك هذا
يقول تعالى:
(وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ) صدق الله العظيم
كلمة إهبطوا في الآية الكريمة تدل على أنها ليست جنة في الأرض
ولكن قبل خلق آدم وسؤال الملائكة لله عز وجل في الآية الكريمة
تدل على أن الله خلق آدم في الأرض وبالتالي يمكن ان تكون في الارض
اختفت او رفعت او ..... الله اعلم
او ربما الارض كانت كجنة لانها كانت فارغة من الجان والانس ولم يكن فيها خراب ولا فساد من طرف المخلوقات وليس فيها عداوه ولا بغضاء وبهذا الشكل كانت جنة في الارض
هذا بالنسبة للجنة التي طرد منها ادم عليه السلام وزوجه من وجهة نظري ومااستطعت ان اجتهده في وقت وجيز والله وحده أعلم
أما بخصوص جنة الخلد التي وعدناالله بها فبالتأكيد في السماء
اتمنى ان نجد جوابا شافيا يينيا بحول الله لنعرف
وشكرالك مرة اخرى على الموضوع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
تـحـيـــــــاتــي اخ محمد
قل الله أكبر- عضو مميز
- عدد المساهمات : 712
تاريخ التسجيل : 25/01/2010
رد: الجنة التي أخرج منها آدم عليه السلام !!! موضوع للنقاش .
ارجو التفاعل من باقي الاخوة
قل الله أكبر- عضو مميز
- عدد المساهمات : 712
تاريخ التسجيل : 25/01/2010
رأي إبن تيمية في الموضوع .
بسم الله الرحمن الرحيم
رأي إبن تيمية في الموضوع .
هذه المسألة للإمام ابن تيمية فيها قولان..
القول الأول: أن الجنة التي أخرج منها آدم - عليه السلام - ليست جنة الخلد:
قال شيخ الإسلام في كتاب النبوات (2/704):
قال - تعالى - :{إنه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين وما صاحبكم بمجنون ولقد رآه بالأفق المبين وما هو على الغيب بضنين وما هو بقول شيطان رجيم فأين تذهبون إن هو إلا ذكر للعالمين لمن شاء منكم أن يستقيم وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين}, فالقرآن قول رسول أرسله الله لم يرسله الشيطان وهو ملك كريم ذو قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين, فهو مطاع عند ذي العرش في الملأ الأعلى والشياطين لا يطاعون في السماوات بل ولا يصعدون إليها, وإبليس من حين أهبط منها لم يصعد إليها, ولهذا كان أصح القولين أن جنة آدم جنة التكليف لم تكن في السماء فإن إبليس دخل إلى جنة التكليف جنة آدم بعد إهباطه من السماء, وقول الله له:{ فاخرج منها فإنك رجيم وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين}, وقوله: {قال فاخرج منها مذموما مدحورا} لكن كانت في مكان عال في الأرض من ناحية المشرق ثم لما أكل من الشجرة أهبط منها إلى الأرض كما قد بسط هذا في غير هذا الموضع ولفظ الجنة في غير موضع من القرآن يراد به بستان في الأرض كقوله: {إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة} وقوله: {واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب إلى قوله كلتا الجنتين أتت أكلها ولم تظلم منه شيئا إلى قوله ودخل جنته وهو ظالم لنفسه} وقوله - تعالى -:{ ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله وتثبيتا من أنفسهم كمثل جنة بربوة الآية إلى قوله: أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب الآية} وقوله - تعالى - : {لقد كان لسبأ في مساكنهم آية جنتان عن يمين وشمال} إلى قوله: {وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل} وقوله: {كم تركوا من جنات وعيون} الآية وقوله :{أتتركون فيما ههنا آمنين في جنات وعيون} وجنة الجزاء والثواب التي في السماء لم يدخلها الشيطان بعد أن أهبط من السماء وهو أهبط من السماء لما امتنع من السجود لآدم قبل أن يدخل آدم إلى جنة التكليف التي وسوس له وأخرجه منها, وجنة الجزاء مخلوقة أيضا وقد أنكر بعض أهل البدع أن تكون مخلوقة, وقال إن آدم لم يدخلها لكونها لم تخلق بعد فأنكر ذلك من أنكره من علماء السنة, وقد ذكر أبو العالية وغيره من السلف أن الشجرة التي نهى عنها آدم كان لها غائط فلما أكل احتاج إلى الغائط وجنة الجزاء ليس فيها هذا} لكن الله أعلم بصحة هذا النقل, وإنما المقصود أن بعض السلف كان يقول إنها في السماء وبعضهم يقول إنها في مكان عال من الأرض, ولفظ الجنة في القرآن قد ذكر فيما شاء الله من المواضع وأريد به جنة في الأرض وجنة الجزاء مخصوصة بمماتهم كقوله: {قيل ادخل الجنة قال ياليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين} فإن أرواح المؤمنين تدخل الجنة من حين الموت كما في هذه الآية, قيل ادخل الجنة قال: يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين, قال - تعالى - :{ وما أنزلنا على قومه بعده من جند من السماء وما كنا منزلين إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون, وقال - تعالى -:{ ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون}, وقال - تعالى - لما ذكر أحوال الموتى عند الموت: {فأما إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة نعيم وأما إن كان من أصحاب اليمين فسلام لك من أصحاب اليمين وأما إن كان من المكذبين الضالين فنزل من حميم وتصلية جحيم}
القول الثاني: أن الجنة التي أخرج منها آدم - عليه السلام - هي جنة الخلد:
في مجموع الفتاوى (4/354) بتصرف(سئل الشيخ - رحمه الله -: هل كانت الجنة التي سكنها آدم - عليه السلام - هي جنة الخلد الموجود أم جنة في الأرض خلقها الله له؟
فأجاب: الجنة التي أسكنها آدم وزوجته عند سلف الأمة وأهل السنة والجماعة هي
جنة الخلد, ومن قال أنها جنة في الأرض بأرض الهند أو بأرض جدة أو غير ذلك فهو من المتفلسفة والملحدين أو من إخوانهم المتكلمين المبتدعين فإن هذا يقوله من يقوله من المتفلسفة والمعتزلة والكتاب والسنة يرد هذا القول وسلف الأمة وأئمتها متفقون على بطلان هذا القول قال - تعالى -:{ وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة} إلى قوله: {قلنا اهبطوا منها جميعا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين} فقد أخبر أنه - سبحانه - أمرهم بالهبوط وأن بعضهم عدو لبعض ثم قال: {ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين} وهذا يبين أنهم لم يكونوا في الأرض وإنما أهبطوا إلى الأرض فإنهم لو كانوا في الأرض وانتقلوا إلى أرض أخرى كانتقال قوم موسى من أرض إلى أرض لكان مستقرهم ومتاعهم إلى حين في الأرض قبل الهبوط وبعده وكذلك قال في الأعراف لما قال إبليس: { أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين قال اهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها} فقوله: اهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها يبين اختصاص السماء بالجنة بهذا الحكم, فإن الضمير في قوله منها عائد إلى معلوم غير مذكور في اللفظ, وهذا بخلاف قوله: {اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم} فإنه لم يذكر هناك ما أهبطوا فيه وقال هنا اهبطوا؛ لأن الهبوط يكون من علو إلى أسفل وعند أرض السراة حيث كان بنوا إسرائيل حيال السراة المشرفة على المصر الذي يهبطون إليه, ومن هبط من جبل إلى واد قيل له هبط وأيضا فإن بني إسرائيل كانوا يسيرون ويرحلون والذي يسير ويرحل إذا جاء بلدة يقال نزل فيها؛ لأن في عادته أنه يركب في سيره, فإذا وصل نزل عن دوابه يقال نزل العسكر بأرض كذا ونزل القفل بأرض كذا لنزولهم عن الدواب, ولفظ النزول كلفظ الهبوط فلا يستعمل هبط إلا إذا كان من علو إلى أسفل, وقوله ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين قال اهبطوا الآيتين, فقوله هنا قوله اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين يبين أنهم هبطوا إلى الأرض من غيرها, وقال :{ فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون} دليل على أنهم لم يكونوا قبل ذلك فيه بمكان فيه يحيون وفيه يموتون ومنه يخرجون وإنما صاروا إليه لما أهبطوا من الجنة, والنصوص في ذلك كثيرة, وكذلك كلام السلف والأئمة, وفى الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه- إن النبي قال: احتج آدم وموسى فقال: موسى يا آدم أنت أبو البشر خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وأسجد لك ملائكته, فلماذا أخرجتنا وذريتك من الجنة؟ فقال له آدم: أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته وكلامه فهل تجد في التوراة وعصى آدم ربه فغوى؟ قال: نعم. قال: فلماذا تلومني على أمر قدره الله على قبل أن أخلق, فقال فحج آدم موسى(1) وموسى إنما لام آدم لما حصل له وذريته بالخروج من الجنة من المشقة والنكد, فلو كان ذلك بستانا في الأرض لكان غيره من بساتين الأرض يعوض عنه وآدم - عليه السلام - احتج بالقدر؛ لأن العبد مأمور على أن يصبر على ما قدره الله من المصائب ويتوب إليه ويستغفره من الذنوب والمعائب والله أعلم) (2)
---------------
(2) ينظر في هذه المسألة أقوالها، وأدلتها، مفتاح دار السعادة لابن القيم (1/125)إلى (1/175)، وحادي الأرواح (52 75)، البداية والنهاية(1/75).
محمد سعيد- الـمديــرالعــام للمنتــدى
- عدد المساهمات : 1291
تاريخ التسجيل : 24/01/2010
الموقع : المغرب
رأي ابن كثير في الموضوع .
قال ابن كثير في تفسيره
فقال: {اسكن أنت وزوجك الجنة} وقد اختلف في الجنة التي أسكنها آدم أهي في السماء أم في الأرض ؟ والأكثرون على الأول, وحكى القرطبي عن المعتزلة والقدرية القول بأنها في الأرض, وسيأتي تقرير ذلك في سورة الأعراف إن شاء الله تعالى...
و قد أطال القرطبي في تفسبره في بيان أن المراد بالجنة هي "دار الخلد" و إليك ما دكره رحمه الله:
قوله تعالى: "الجنة "الجنة: البستان، وقد تقدم القول فيها. ولا التفات لما ذهبت إليه المعتزلة والقدرية من أنه لم يكن في جنة الخلد وإنما كان في جنة بأرض عدن. واستدلوا على بدعتهم بأنها لو كانت جنة الخلد لما وصل إليه إبليس، فإن الله يقول: "لا لغو فيها ولا تأثيم" [الطور: 23] وقال "لا يسمعون فيها لغوا ولا كذابا" [النبأ: 35] وقال: "لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما. إلا قيلا سلاما" [الواقعة: 25]. وأنه لا يخرج منها أهلها لقوله: "وما هم منها بمخرجين" [الحجر: 48]. وأيضا فإن جنة الخلد هي دار القدس، قدست عن الخطايا والمعاصي تطهيرا لها. وقد لغا فيها إبليس وكذب، وأخرج منها آدم وحواء بمعصيتهما. قالوا: وكيف يجوز على آدم مع مكانه من الله وكمال عقله أن يطلب شجرة الخلد وهو في دار الخلد والملك الذي لا يبلى؟ فالجواب: أن الله تعالى عرف الجنة بالألف واللام، ومن قال: أسأل الله الجنة، لم يفهم منه في تعارف الخلق إلا طلب جنة الخلد. ولا يستحيل في العقل دخول إبليس الجنة لتغرير آدم، وقد لقي موسى آدم عليهما السلام فقال له موسى: أنت أشقيت ذريتك وأخرجتهم من الجنة، فأدخل الألف واللام ليدل على أنها جنة الخلد المعروفة، فلم ينكر ذلك آدم، ولو كانت غيرها لرد على موسى، فلما سكت آدم على ما قرره موسى صح أن الدار التي أخرجهم الله عز وجل منها بخلاف الدار التي أخرجوا إليها. وأما ما احتجوا به من الآي فذلك إنما جعله الله فيها بعد دخول أهلها فيها يوم القيامة، ولا يمتنع أن تكون دار الخلد لمن أراد الله تخليده فيها وقد يخرج منها من قضي عليه بالفناء. وقد أجمع أهل التأويل على أن الملائكة يدخلون الجنة على أهل الجنة ويخرجون منها، وقد كان مفاتيحها بيد إبليس ثم انتزعت منه بعد المعصية، وقد دخلها النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء ثم خرج منها وأخبر بما فيها وأنها هي جنة الخلد حقا. وأما قولهم: إن الجنة دار القدس وقد طهرها الله تعالى من الخطايا فجهل منهم، وذلك أن الله تعالى أمر بني إسرائيل أن يدخلوا الأرض المقدسة وهي الشام، وأجمع أهل الشرائع على أن الله تعالى قدسها وقد شوهد فيها المعاصي والكفر والكذب ولم يكن تقديسها مما يمنع فيها المعاصي، وكذلك دار القدس. قال أبو الحسن بن بطال: وقد حكى بعض المشايخ أن أهل السنة مجمعون على أن جنة الخلد هي التي أهبط منها آدم عليه السلام، فلا معنى لقول من خالفهم. وقولهم: كيف يجوز على آدم في كمال عقله أن يطلب شجرة الخلد وهو في دار الخلد، فيعكس عليهم ويقال: كيف يجوز على آدم وهو في كمال عقله أن يطلب شجرة الخلد في دار الفناء هذا ما لا يجوز على من له أدنى مسكة من عقل، فكيف بآدم الذي هو أرجح الخلق عقلا، على ما قال أبو أمامة على ما يأتي.
فقال: {اسكن أنت وزوجك الجنة} وقد اختلف في الجنة التي أسكنها آدم أهي في السماء أم في الأرض ؟ والأكثرون على الأول, وحكى القرطبي عن المعتزلة والقدرية القول بأنها في الأرض, وسيأتي تقرير ذلك في سورة الأعراف إن شاء الله تعالى...
و قد أطال القرطبي في تفسبره في بيان أن المراد بالجنة هي "دار الخلد" و إليك ما دكره رحمه الله:
قوله تعالى: "الجنة "الجنة: البستان، وقد تقدم القول فيها. ولا التفات لما ذهبت إليه المعتزلة والقدرية من أنه لم يكن في جنة الخلد وإنما كان في جنة بأرض عدن. واستدلوا على بدعتهم بأنها لو كانت جنة الخلد لما وصل إليه إبليس، فإن الله يقول: "لا لغو فيها ولا تأثيم" [الطور: 23] وقال "لا يسمعون فيها لغوا ولا كذابا" [النبأ: 35] وقال: "لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما. إلا قيلا سلاما" [الواقعة: 25]. وأنه لا يخرج منها أهلها لقوله: "وما هم منها بمخرجين" [الحجر: 48]. وأيضا فإن جنة الخلد هي دار القدس، قدست عن الخطايا والمعاصي تطهيرا لها. وقد لغا فيها إبليس وكذب، وأخرج منها آدم وحواء بمعصيتهما. قالوا: وكيف يجوز على آدم مع مكانه من الله وكمال عقله أن يطلب شجرة الخلد وهو في دار الخلد والملك الذي لا يبلى؟ فالجواب: أن الله تعالى عرف الجنة بالألف واللام، ومن قال: أسأل الله الجنة، لم يفهم منه في تعارف الخلق إلا طلب جنة الخلد. ولا يستحيل في العقل دخول إبليس الجنة لتغرير آدم، وقد لقي موسى آدم عليهما السلام فقال له موسى: أنت أشقيت ذريتك وأخرجتهم من الجنة، فأدخل الألف واللام ليدل على أنها جنة الخلد المعروفة، فلم ينكر ذلك آدم، ولو كانت غيرها لرد على موسى، فلما سكت آدم على ما قرره موسى صح أن الدار التي أخرجهم الله عز وجل منها بخلاف الدار التي أخرجوا إليها. وأما ما احتجوا به من الآي فذلك إنما جعله الله فيها بعد دخول أهلها فيها يوم القيامة، ولا يمتنع أن تكون دار الخلد لمن أراد الله تخليده فيها وقد يخرج منها من قضي عليه بالفناء. وقد أجمع أهل التأويل على أن الملائكة يدخلون الجنة على أهل الجنة ويخرجون منها، وقد كان مفاتيحها بيد إبليس ثم انتزعت منه بعد المعصية، وقد دخلها النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء ثم خرج منها وأخبر بما فيها وأنها هي جنة الخلد حقا. وأما قولهم: إن الجنة دار القدس وقد طهرها الله تعالى من الخطايا فجهل منهم، وذلك أن الله تعالى أمر بني إسرائيل أن يدخلوا الأرض المقدسة وهي الشام، وأجمع أهل الشرائع على أن الله تعالى قدسها وقد شوهد فيها المعاصي والكفر والكذب ولم يكن تقديسها مما يمنع فيها المعاصي، وكذلك دار القدس. قال أبو الحسن بن بطال: وقد حكى بعض المشايخ أن أهل السنة مجمعون على أن جنة الخلد هي التي أهبط منها آدم عليه السلام، فلا معنى لقول من خالفهم. وقولهم: كيف يجوز على آدم في كمال عقله أن يطلب شجرة الخلد وهو في دار الخلد، فيعكس عليهم ويقال: كيف يجوز على آدم وهو في كمال عقله أن يطلب شجرة الخلد في دار الفناء هذا ما لا يجوز على من له أدنى مسكة من عقل، فكيف بآدم الذي هو أرجح الخلق عقلا، على ما قال أبو أمامة على ما يأتي.
محمد سعيد- الـمديــرالعــام للمنتــدى
- عدد المساهمات : 1291
تاريخ التسجيل : 24/01/2010
الموقع : المغرب
رأي الامام ابن قيم الجوزية رحمه الله .
رأي الامام ابن قيم الجوزية رحمه الله .
وأحب ان ادكر ان الامام بن قيم الجوزية رحمه الله نص على انها هي جنة الخلد وليست في الأرض فقال رحمه الله بعد أن دكر أدلة المخالفين : ورأينا ان الرد على هؤلاء بدبوس السلاق لا يحصل غرضا ولا يزيل مرضا فسلكنا هذا السبيل ليكون قولهم مردودا على كل قول من اقوال الامة وبالله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة الا بالله فنقول:
اما ما ذكرتموه من كون الجنة التي اهبط منها آدم ليست جنة الخلد وإنماهي جنة غيرها فهذا مما قد اختلف فيه الناس والاشهر عند الخاصة والعامة الذي لا يخطر بقلوبهم سواه انها جنة الخلد التي اعدت للمتقين وقد نص غير واحد من السلف على ذلك واحتج من نصر هذا بما رواه مسلم في صحيحه من حديث ابي مالك الاشجعي عن ابي حازم عن ابي هريرة وابو مالك عن ربعي بن حراش عن حذيفة قالا قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "((يجمع الله عز و جل الناس حتى يزلف لهم الجنة فيأتون آدم عليه السلام فيقولون يا أبانا استفتح لنا الجنة فيقول وهل اخرجكم من الجنة الا خطيئة ابيكم آدم)) وذكر الحديث ...قالوا فهذا يدل على ان الجنة التي اخرج منها آدم هي بعينها التي يطلب منه ان يستفتحها لهم قالوا ويدل عليه ان الله سبحانه قال{ يا آدم اسكن انت وزوجك الجنة }الى قوله {اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الارض مستقر ومتاع الى حين} عقيب قوله {اهبطوا }فدل على انهم لم يكونوا اولا في الارض وأيضا فإنه سبحانه وصف الجنة التي اسكنها آدم بصفات لا تكون في الجنة الدنيوية فقال تعالى :
- {إن لك الا تجوع فيها ولا تعرى وأنك لاتظمأ فيها ولا تضحى} وهذا لا يكون في الدنيا اصلا ولو كان الرجل في اطيب منازلها فلا بد ان يعرض له الجوع والظمأ والتعرى والضحى للشمس
- وايضا فإنها لو كانت الجنة في الدنيا لعلم آدم كذب ابليس في قوله {هل ادلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى} فإن آدم كان يعلم ان الدنيا منقضية فانية وان ملكها يبلى
- وايضا فإن قصة آدم في البقرة ظاهرة جدا في ان الجنة التي اخرج منها فوق السماء فإنه سبحانه قال {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لادم فسجدوا الا ابليس ابى واستكبر وكان من الكافرين وقلنا يا آدم اسكن انت وزوجك وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين فأزلهما الشيطان عنها فاخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الارض مستقر ومتاع الى حين فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم} فهذا اهباط آدم وحواء وابليس من الجنة ولهذا اتى فيه بضمير الجمع وقيل انه خطاب لهم وللحية وهذا يحتاج الى نقل ثابت إذ لا ذكر للحية في شيء من قصة آدم وإبليس وقيل خطاب لآدم وحواء وأتى فيه بلفظ الجمع كقوله تعالى {وكنا لحكمهم شاهدين }وقيل لادم وحواء وذريتهما وهذه الاقوال ضعيفة غير الاول لانها بين قول لا دليل عليه وبين ما يدل ظاهر الخطاب على خلافه فثبت ان ابليس داخل في هذا الخطاب وانه من المهبطين من الجنة ثم قال تعالى{ قلنا اهبطوا منها جميعا فاما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون} وهذا الاهباط الثاني لا بد ان يكون غير الاول وهو اهباطه من السماء الى الارض وحينئذ فتكون الجنة التي اهبطوا منها الاول فوق السماء وهي جنة الخلد وقد ذهبت طائفة منهم الزمخشري الىان قوله اهبطوا منها جميعا خطاب لادم وحواء خاصة وعبر عنهما بالجمع لاستتاباعهما ذرياتهما قال والدليل عليه قوله تعالى قال {اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فاما ياتينكم مني هدى }وقال ويدل على ذلك قوله{ فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون والذين كفروا وكذبوا بآياتنا اولئك اصحاب النار هم فيها خالدون} وما هو الا حكم يعم الناس كلهم ومعنى بعضكم لبعض عدو ما عليه الناس من التعادى والتباغض وتضليل بعضهم لبعض وهذا الذي اختاره اضعف الاقوال في الاية فإن العداوة التي ذكرها الله انما هي بين آدم وابليس وذرياتهما كما قال تعالى ان الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا وأما آدم وزوجه فإن الله سبحانه اخبر في كتابه انه خلقها منه ليسكن اليها وقال سبحانه ومن آياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة فهو سبحانه جعل المودة بين الرجل وزوجه وجعل العداوة بين آدم وابليس وذرياتهما ويدل عليه ايضا عود الضمير اليهم بلفظ الجمع وقد تقدم ذكر آدم وزوجه وابليس في قولهم فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما فهؤلاء ثلاثة آدم وحواء وإبليس فلماذا يعود الضمير على بعض المذكور مع منافرته لطريق الكلام ولايعود على جميع المذكور مع انه وجه الكلام فإن قيل فما تصنعون بقوله في سورة طه : قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو وهذا خطاب لادم وحواء وقد اخبر بعداوة بعضهم بعضا قيل اما ان يكون الضمير في قوله اهبطا راجعا الى آدم وزوجه او يكون راجعا الى آدم وابليس ولم يذكر الزوجة لانها تبع له وعلى الثاني فالعداوة المذكورة للمخاطبين بالاهباط وهما آدم وابليس وعلى الاول تكون الاية قد اشتملت على أمرين احدهما امره لادم وزوجه بالهبوط والثاني جعله العداوة بين آدم وزوجه وابليس ولا بد ان يكون ابليس داخلا في حكم هذه العداوة قطعا كما قال تعالى إن هذا عدو لك ولزوجك وقال لذريته ان الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا وتأمل كيف اتفقت المواضع التي فيها العداوة على ضمير الجمع دون التثنية وأما ذكر الاهباط فتارة ياتي بلفظ ضمير الجمع وتارة بلفظ التثنية وتارة يأتي بلفظ الافراد لابليس وحده كقوله تعالى في سورة الاعراف قال ما منعك ان لا تسجد اذ امرتك قال انا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين قال فاهبط منها فما يكون لك ان تتكبر فيها فهذا الاهباط لابليس وحده والضمير في قوله منها قيل انه عائد الى الجنة وقيل عائد الى السماء وحيث اتى بصيغة الجمع كان لادم وزوجه وابليس اذ مدار القصة عليهم وحيث اتى بلفظ التثنية فاما ان يكون لادم وزوجه إذ هما اللذان باشرا الاكل من الشجرة واقدما على المعصية واما ان يكون لادم وابليس اذ هما ابوا الثقلين فذكر حالهما وما آل اليه امرهما ليكون عظة وعبرة لاولادهما والقولان محكيان في ذلك وحيث اتى بلفظ الافراد فهو لابليس وحده وأيضا فالذي يوضح ان الضمير في قوله اهبطا منها جميعا لادم وابليس ان الله سبحانه لما ذكر المعصية افرد بها آدم دون زوجه فقال وعصى آدم ربه فغوى ثم اجتابه ربه فتاب عليه وهدى قال اهبطا منها جميعا وهذا يدل على ان المخاطب بالاهباط هو آدم ومن زين له المعصية ودخلت الزوجة تبعا وهذا لان المقصود اخبار الله تعالى لعباده المكلفين من الجن والانس بما جرى على ابويهما من شؤم المعصية ومخالفة الأمر لئلا يقتدوا بهما في ذلك فذكر ابو الثقلين ابلغ في حصول هذا المعنى من ذكر ابوي الانس فقط وقد اخبر سبحانه عن الزوجة انها اكلت مع آدم وأخبر انه اهبطه
وأخرجه من الجنة بتلك الاكلة فعلم ان هذا اقتضاه حكم الزوجية وانها صارت الى ما صار اليه آدم فكان تجريد العناية الى ذكر الابوين الذين هما اصل الذرية اولى من تجريدها الى ذكر ابي الانس وامهم والله اعلم وبالجملة فقوله اهبطوا بعضكم لبعض عدو ظاهر في الجمع فلا يسوغ حمله على الاثنين في قوله اهبطا قالوا وأما قولكم انه كيف وسوس له بعد اهباطه منها ومحال ان يصعد اليها بعد قوله تعالى اهبط فجوابه من وجوه احدهما انه اخرج منها ومنع من دخولها على وجه السكنى والكرامة واتخاذها دارا فمن اين لكم انه منع من دخولها على وجه الابتلاء والامتحان لادم وزوجه ويكون هذا دخولا عارضا كما يدخل شرط دار من امروا بابتلائه ومحنته وان لم يكونوا اهلا لسكنى تلك الدار الثاني انه كان يدنو من السماء فيكلمهما ولا يدخل عليهما دارهما الثالث انه لعله قام على الباب فناداهما وقاسمهما ولم يلج الجنة الرابع انه قد روى انه اراد الدخول عليهما فمنعته الخزنة فدخل في فم الحية حتى دخلت به عليهما ولا يشعر الخزنة بذلك قالوا ومما يدل على انها جنة الخلد بعينها انها جاءت معرفة بلام التعريف في جميع المواضع كقوله اسكن انت وزوجك الجنة ولا جنة يعهدها المخاطبون ويعرفونها الا جنة الخلد التي وعد الرحمن عباده بالغيب فقد صار هذا الاسم علما عليها بالغلبة وان كان في اصل الوضع عبارة عن البستان ذي الثمار والفواكه وهذا كالمدينة الطيبة والنجم للثريا ونظائرها فحيث ورد اللفظ معرفا بالالف واللام انصرف الى الجنة المعهودة المعلومة في قلوب المؤمنين وأما ان اريد به جنة غيرها فانها تجيء منكرة كقوله جنتين من اعناب او مقيدة بالاضافة كقوله ولولا اذ دخلت جنتك او مقيدة من السياق بما يدل على انها جنة في الارض كقوله انا بلوناهم كما بلونا اصحاب الجنة اذ اقسموا ليصرمنها مصبحين الايات فهذا السياق والتقييد يدل على انها بستان في الارض قالوا وأيضا فإنه قد اتفق اهل السنة والجماعة على ان الجنة والنار مخلوقتان وقد تواترت الاحاديث عن النبي صلى الله عليه و سلم بذلك كما في الصحيحين عن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه و سلم انه قال إن احدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشى إن كان من اهل الجنة فمن أهل الجنة وإن كان من أهل النار فمن اهل النار يقال هذا مقعدك حتى يبعثك الله يوم القيامة وفي الصحيحين من حديث ابي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه و سلم قال اختصمت الجنة والنار فقالت الجنة مالي لا يدخلني الا ضعفاء الناس وسقطهم وقالت النار مالي لا يدخلني الا الجبارون والمتكبرون فقال للجنة انت رحمتي ارحم بك من أشاء وقال للنار انت عذابي اعذب بك من أشاء الحديث وفي السنن عن ابي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لما خلق الله الجنة والنار ارسل جبريل الى الجنة فقال اذهب فانظر اليها والى ما اعددت لاهلها قال فذهب فنظر اليها وإلى ما اعد الله لاهلها الحديث وفي الصحيحين في حديث الاسراء ثم رفعت لي سدرة المنتهى فإذا ورقها مثل آذان الفيلة وإذا نبقها مثل قلال هجر وإذا اربعة انهار نهران ظاهران ونهران باطنان فقلت ما هذا يا جبريل قال اما النهران الظاهران فالنيل والفرات وأما الباطنان فنهران في الجنة وفيه ايضا ثم ادخلت الجنة فإذا جنابذ اللؤلؤ وإذا ترابها المسك وفي صحيح البخاري عن انس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :بينما انا أسير في الجنة إذا انا بنهر حافتاه قباب الدر المجوف قال قلت ما هذا يا جبريل قال هذا الكوثر الذي اعطاك ربك فضرب الملك بيده فإذا طينه مسك اذفر وفي صحيح مسلم في حديث صلاة الكسوف ان النبي صلى الله عليه و سلم جعل يتقدم ويتأخر في الصلاة ثم اقبل على اصحابه فقال انه عرضت لي الجنة والنار فقربت مني الجنة حتى لو تناولت منها قطفا لاخذته فلو اخذته لاكلتم منه ما بقيت الدنيا وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود في قوله تعالى ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون ارواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت ثم تأوى الى تلك القناديل فاطلع عليهم ربك اطلاعة فقال هل تشتهون شيئا فقالوا أي شيء نشتهي ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا الحديث وفي الصحيح من حديث ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لما اصيب اخوانكم باحد جعل الله ارواحهم في اجواف طير خضر ترد انهار الجنة وتأكل من ثمارها وتاوى الى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم ومقيلهم قالوا من يبلغ عنا اخواننا انا في الجنة نرزق لئلا يزهدوا في الجهاد ولا يتكلوا عند الحرب فقال الله أنا ابلغهم عنكم فانزل الله عز و جل ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله الاية وفي الموطأ من حديث كعب بن مالك ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال انما نسمة المؤمن طائر يعلق في الجنة حتى يرجعه الله الى جسده يوم يبعثه وفي البخاري ان إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه و سلم لما توفي قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ان له مرضعا في الجنة وفي صحيح البخاري عن عمران بن حصين قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم اطلعت في الجنة فرأيت اكثر اهلها الفقراء واطلعت في النار فرأيت اكثر اهلها النساء والاثار في هذا الباب اكثر من ان تذكرا واما القول بان الجنة والنار لم تخلقا بعد فهو قول اهل البدع من ضلال المعتزلة ومن قال بقولهم وهم الذين يقولون ان الجنة التي اهبط منها آدم إنما كانت جنة بشرقي الارض وهذه الاحاديث وأمثالها ترد قولهم قالوا وأما احتجاجكم بسائر الوجوه التي ذكرتموها في الجنة وأنها منتفية في الجنة التي اسكنها آدم من اللغو والكذب والنصب والعرى وغير ذلك فهذا كله حق لا ننكره نحن ولا احد من اهل الاسلام ولكن هذا إنما هو إذا دخلها المؤمنون
يوم القيامة كما يدل عليه سياق الكلام وهذا لا ينفى ان يكون فيها بين آدم وإبليس ما حكاه الله عز و جل من الامتحان والابتلاء ثم يصير الامر عند دخول المؤمنين اليها الى ما أخبر الله عز و جل به فلا تنافي بين الامرين قالوا وأما قولكم ان الجنة دار جزاء وثواب وليست دارتكليف وقد كلف الله سبحانه آدم فيها بالنهي عن الشجرة فجوابه من وجهين احدهما انه إنما يمتنع ان تكون دار تكليف إذا دخلها المؤمنون يوم القيامة فحينئذ ينقطع التكليف وأما امتناع وقوع التكليف فيها في دار الدنيا فلا دليل عليه الثاني ان التكليف فيها لم يكن بالاعمال التي يكلف بها الناس في الدنيا من الصيام والصلاة والجهاد ونحوها وإنما كان حجرا عليه في شجرة من جملة أشجارها وهذا لا يمتنع وقوعه في جنة الخلد كما ان كل احد محجور عليه ان يقرب أهل غيره فيها فإن اردتم بان الجنة ليست دار كيف امتناع وقوع مثل هذا فيها في وقت من الاوقات فلا دليل لكم عليه وإن اردتم ان غالب التكاليف التي تكون في الدنيامنتفية فيها فهو حق ولكن لا يدل على مطلوبكم قالوا وهذا كما انه موجب الادلة وقول سلف الامة فلا يعرف بقولكم قائل من ائمة العلم ولا يعرج عليه ولا يلتفت اليه قال الاولون الجواب عما ذكرتم من وجهين مجمل ومفصل اما المجمل فإنكم لم تأتوا على قولكم بدليل يتعين المصير اليه لا من قرآن ولا من سنة ولا أثر ثابت عن احد من اصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم ولا التابعين لا مسندا ولا مقطوعا ونحن نوجدكم من قال بقولنا هذا احد ائمة الاسلام سفيان بن عيينة قال في قوله عز و جل ان لك ان لا تجوع فيها ولا تعرى قال يعني في الارض وهذا عبد الله بن مسلم بن قتيبة قال في معارفه بعد ان ذكر خلق الله لادم وزوجه ان الله سبحانه اخرجه من مشرق جنة عدن الى الارض التي منها اخذ وهذا ابى قد حكى الحسن عنه ان آدم لما احتضر اشتهى قطفا من قطف الجنة فانطلق بنوه ليطلبوه له فلقيتهم الملائكة فقالوا اين تريدون يا بني آدم قالوا إن ابانا اشتهى قطفا من قطف الجنة فقالوا لهم ارجعوا فقد كفيتموه فانتهوا اليه فقبضوا روحه وغسلوه وحنطوه وكفنوه وصلى عليه جبريل وبنوه خلف الملائكة ودفنوه وقالوا هذه سنتكم في موتاكم وهذا ابو صالح قد نقل عن ابن عباس في قوله اهبطوا منها قال هو كما يقال هبط فلان في ارض كذا وكذا وهذا وهب بن منبه يذكر آن آدم خلق في الارض وفيها سكن وفيها نصب له الفردوس وانه كان بعدن وان سيحون وجيحون والفرات انقسمت من النهر الذي كان في وسط الجنة وهو الذي كان يسقيها وهذا منذر بن سعيد البلوطي اختاره في تفسيره ونصره بما حكيناه عنه وحكاه في غير التفسير عن ابي حنيفة فيما خالفه فيه فلم قال بقوله في هذه المسألة وهذا أبو مسلم الاصبهاني صاحب التفسير وغيره احد الفضلاء المشهورين قال بهذا وانتصر له واحتج عليه بما هو معروف في كتابه وهذا ابو محمد عبد الحق بن عطية ذكر القولين في تفسيره في قصة آدم في البقرة وهذا ابو محمد بن حزم ذكر القولين في كتاب الملل والنحل له فقال وكان المنذر بن سعيد القاضي يذهب الى ان الجنة والنار مخلوقتان الا انه كان يقول انها ليست هي التي كان فيها آدم وامراته وممن حكى القولين ايضا ابو عيسى الرماني في تفسيره واختار انها جنة الخلد ثم قال والمذهب الذي اخترناه قول الحسن وعمرو بن واصل وأكثر اصحابنا وهو قول ابي علي وشيخنا ابي بكر وعليه اهل التفسير وممن ذكر القولين ابو القاسم الراغب في تفسيره فقال واختلف في الجنة التي اسكنها آدم فقال بعض المتكلمين كان بستانا جعله الله له امتحانا ولم يكن جنة المأوى ثم قال ومن قال لم يكن جنة المأوى لانه لا تكليف في الجنة وآدم كان مكلفا قال وقد قيل في جوابه انها لا تكون دار التكليف في الاخرة ولا يمتنع ان تكون في وقت دار تكليف دون وقت كما ان الانسان يكون في وقت مكلفا دون وقت وممن ذكر الخلاف في المسألة ابو عبد الله بن الخطيب الرازي في تفسيره فذكر هذين القولين وقولا ثالثا وهو التوقف قال لامكان الجميع وعدم الوصول الى القطع كما سيأتي حكاية كلامه ومن المفسرين من لم يذكر غير هذا القول وهو انها لم تكن جنة الخلد إنما كانت حيث شاء الله من الارض وقالوا كانت تطلع فيها الشمس والقمر وكان ابليس فيها ثم اخرج قال ولو كانت جنة الخلد لما اخرج منها وممن ذكر القولين ايضا أبو الحسن الماوردي فقال في تفسيره واختلف في الجنة التي اسكناها على قولين احدهما انها جنة الخلد الثاني انها جنة اعدها الله لهما وجعلها دار ابتلاء وليست جنة الخلد التي جعلها الله دار جزاء ومن قال بهذا اختلفوا فيه على قولين احدهما انها في السماء لانه اهبطهما منها وهذا قول الحسن الثاني انها في الارض لانه امتحنهما فيها بالنهي عن الشجرة التي نهيا عنها دون غيرها من الثمار وهذا قول ابن يحيى وكان ذلك بعد ان أمر ابليس بالسجود لادم والله اعلم بصواب ذلك هذا كلامه وقال ابن الخطيب في تفسيره اختلفوا في ان الجنة المذكورة في هذه الاية هل كانت في الارض او في السماء وبتقدير انها كانت في السماء فهل هي الجنة التي هي دار الثواب وجنة الخلد او جنة اخرى فقال ابو القاسم البلخي وابو مسلم الاصبهاني هذه الجنة في الارض وحملا الاهباط على الانتقال من بقعة الى بقعة كما في قوله تعالى اهبطوا مصرا القول الثاني وهو قول الجبائي ان تلك كانت في السماء السابعة قال والدليل عليه قوله اهبطوا ثم ان الاهباط الاول كان من السماء السابعة الى السماء الاولى والاهباط الثاني كان من السماء الى الارض والقول الثالث وهو قول جمهور اصحابنا ان هذه الجنة هي دار الثواب والدليل عليههو ان الالف واللام في لفظ الجنة لا يفيد العموم لان سكنى آدم جميع الجنان محال فلا بد من صرفها الى المعهود السابق والجنة المعهودة المعلومة بين المسلمين هي دار الثواب فوجب صرف اللفظ اليها قال والقول الرابع ان الكل ممكن والادلة النقلية ضعيفة ومتعارضة فوجب التوقف وترك القطع قالوا ونحن لا نقلد هؤلاء ولا نعتمد على ما حكى عنهم والحجة الصحيحة حكم بين المتنازعين قالوا وقد ذكرنا على هذا القول ما فيه كفاية واما الجواب المفصل فنحن نتكلم على ما ذكرتم من الحجج لينكشف وجه الصواب فنقول وبالله التوفيق اما استدلالكم بحديث ابي هريرة وحذيفة حين يقول الناس لادم استفتح لنا الجنة فيقول وهل اخرجكم منها الا خطيئة ابيكم فهذا الحديث لا يدل على ان الجنة التي طلبوا منه ان يستفتحها لهم هي التي أخرج منها بعينها فإن الجنة اسم جنس فكل بستان يسمى جنة كما قال تعالى انا بلوناهم كما بلونا اصحاب الجنة إذ اقسموا ليصرمنها مصبحين وقال تعالى وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الارض ينبوعا او تكون لك جنة من نخيل وعنب وقال تعالى ومثل الذين ينفقون اموالهم ابتغاء مرضات الله وتثبيتا من انفسهم كمثل جنة بربوة وقال تعالى واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لاحدهما جنتين من اعناب وحففناهما بنخل الى قوله ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة الا بالله فإن الجنة اسم جنس فهم لما طلبوا من آدم ان يستفتح لهم جنة الخلد اخبرهم بأنه لا يحسن منه ان يقدم على ذلك وقد اخرج نفسه وذريته من الجنة التي اسكنه الله اياها بذنبه وخطيئته هذا الذي دل عليه الحديث وأما كون الجنة التي اخرج منها هي بعينها التي طلبوا منه ان يستفتحها لهم فلا يدل الحديث عليه بشيء من وجوه الدلالات الثلاث ولو دل عليه لوجب المصير الى مدلول الحديث وامتنع القول بمخالفته وهل مدارنا الا على فهم مقتضى كلام الصادق المصدوق صلوات الله وسلامه عليه قالوا وأما استدلالكم بالهبوط وأنه نزول من علو الى سفل فجوابه من وجهين احدهما ان الهبوط قد استنقل في النقلة من ارض الى ارض كما يقال هبط فلان بلد كذا وكذا وقال تعالى اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم وهذا كثير في نظم العرب ونثرها قال :
إن تهبطين بلاد قو ... م يرتعون من الطلاح وقد روى ابو صالح عن ابن عباس رضى الله عنهما قال هو كما يقال هبط فلان ارض كذا وكذا الثاني انا لا ننازعكم في ان الهبوط حقيقة ما ذكرتموه ولكن من اين يلزم ان تكون الجنة التي منها الهبوط فوق السموات فإذا كانت في أعلى الارض اما يصح ان يقال هبط منها كما يهبط الحجر من اعلى الجبل الى اسفله ونحوه وأما قوله تعالى ولكم في الارض مستقرومتاع الى حين فهذا يدل على ان الارض التي اهبطوا اليها لهم فيها مستقر ومتاع الى حين ولا يدل على انهم لم يكونوا في جنة عالية اعلى من الارض التي اهبطوا اليها تخالف الارض في صفاتها واشجارها ونعيمها وطيبها فالله سبحانه فاوت بين بقاع الارض اعظم تفاوت وهذا مشهود بالحس فمن اين لكم ان تلك لم تكن جنة تميزت عن سائر بقاع الارض بما لا يكون الا فيها ثم اهبطوا منها الى الارض التي هي محل التعب والنصب والابتلاء والامتحان وهذا بعينه هوالجواب عن استدلالكم بقوله تعالى إن لك الا تجوع فيهاولاتعرى ألى آخر ما ذكرتموه مع ان هذا حكم معلق بشرط والشرط لم يحصل فإنه سبحانه إنما قال ذلك عقيب قوله ولا تقربا هذه الشجرة وقوله ان لك الا تجوع فيها ولا تعرى هو صيغة وعد مرتبطة بما قبلها والمعنى ان اجتنبت الشجرة التي نهيتك عنها ولم تقربها كان لك هذا الوعد والحكم المعلق بالشرط عدم عند عدم الشرط فلما اكل من الشجرة زال استحقاقه لهذا الوعد قال واما قولكم انه لو كانت الجنة في الدنيا لعلم آدم كذب ابليس في قوله هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى الى آخره فدعوى لا دليل عليها لانه لا دليل لكم على ان الله سبحانه كان قد اعلم آدم حين خلقه ان الدنيا منقضية فانية وان ملكها يبلى ويزول وعلى تقدير ان يكون آدم حينئذ قد أعلم ذلك فقول ابليس هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى لا يدل على انه اراد بالخلد مالا يتناهى فإن الخلد في لغة العرب هو اللبث الطويل كقولهم قيد مخلد وحبس مخلد وقد قال تعالى لثمود تبنون بكل ريع آية تعبثون وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون وكذلك قوله وملك لا يبلى يراد به الملك الطويل الثابت وأيضا فلا وجه للاعتذار عن قول ابليس مع تحقق كذبه ومقاسمته آدم وحواء على الكذب والله سبحانه قد أخبر انه قاسمهما ودلاهما بغرور وهذا يدل على انهما اغترا بقوله فغرهما بان اطمعهما في خلد الابد والملك الذي لا يبلى وبالجملة فالاستدلال بهذا على كون الجنة التي سكنها آدم هي جنة الخلد التي وعدها المتقون غير بين ثم نقول لو كانت الجنة هي جنة الخلد التي لا يزول ملكها لكانت جميع اشجارها شجر الخلد فلم يكن لتلك الشجرة اختصاص من بين سائر الشجر بكونها شجرة الخلد وكان آدم يسخر من ابليس إذ قد علم ان الجنة دار الخلد فإن قلتم لعل آدم لم يعلم حينئذ ذلك فغره الخبيث وخدعه بان هذه الشجرة وحدها هي شجرة الخلد قلنا فاقنعوا منا بهذا الجواب بعينه عن قولكم لو كانت الجنة في الدنيا لعلم آدم كذب ابليس في ذلك لان قوله كان خداعا وغرورا محضا على كل تقدير فانقلب دليلكم حجة عليكم وبالله التوفيق .مفتاح دار السعادة من ص:14 الى ص:21
وأحب ان ادكر ان الامام بن قيم الجوزية رحمه الله نص على انها هي جنة الخلد وليست في الأرض فقال رحمه الله بعد أن دكر أدلة المخالفين : ورأينا ان الرد على هؤلاء بدبوس السلاق لا يحصل غرضا ولا يزيل مرضا فسلكنا هذا السبيل ليكون قولهم مردودا على كل قول من اقوال الامة وبالله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة الا بالله فنقول:
اما ما ذكرتموه من كون الجنة التي اهبط منها آدم ليست جنة الخلد وإنماهي جنة غيرها فهذا مما قد اختلف فيه الناس والاشهر عند الخاصة والعامة الذي لا يخطر بقلوبهم سواه انها جنة الخلد التي اعدت للمتقين وقد نص غير واحد من السلف على ذلك واحتج من نصر هذا بما رواه مسلم في صحيحه من حديث ابي مالك الاشجعي عن ابي حازم عن ابي هريرة وابو مالك عن ربعي بن حراش عن حذيفة قالا قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "((يجمع الله عز و جل الناس حتى يزلف لهم الجنة فيأتون آدم عليه السلام فيقولون يا أبانا استفتح لنا الجنة فيقول وهل اخرجكم من الجنة الا خطيئة ابيكم آدم)) وذكر الحديث ...قالوا فهذا يدل على ان الجنة التي اخرج منها آدم هي بعينها التي يطلب منه ان يستفتحها لهم قالوا ويدل عليه ان الله سبحانه قال{ يا آدم اسكن انت وزوجك الجنة }الى قوله {اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الارض مستقر ومتاع الى حين} عقيب قوله {اهبطوا }فدل على انهم لم يكونوا اولا في الارض وأيضا فإنه سبحانه وصف الجنة التي اسكنها آدم بصفات لا تكون في الجنة الدنيوية فقال تعالى :
- {إن لك الا تجوع فيها ولا تعرى وأنك لاتظمأ فيها ولا تضحى} وهذا لا يكون في الدنيا اصلا ولو كان الرجل في اطيب منازلها فلا بد ان يعرض له الجوع والظمأ والتعرى والضحى للشمس
- وايضا فإنها لو كانت الجنة في الدنيا لعلم آدم كذب ابليس في قوله {هل ادلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى} فإن آدم كان يعلم ان الدنيا منقضية فانية وان ملكها يبلى
- وايضا فإن قصة آدم في البقرة ظاهرة جدا في ان الجنة التي اخرج منها فوق السماء فإنه سبحانه قال {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لادم فسجدوا الا ابليس ابى واستكبر وكان من الكافرين وقلنا يا آدم اسكن انت وزوجك وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين فأزلهما الشيطان عنها فاخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الارض مستقر ومتاع الى حين فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم} فهذا اهباط آدم وحواء وابليس من الجنة ولهذا اتى فيه بضمير الجمع وقيل انه خطاب لهم وللحية وهذا يحتاج الى نقل ثابت إذ لا ذكر للحية في شيء من قصة آدم وإبليس وقيل خطاب لآدم وحواء وأتى فيه بلفظ الجمع كقوله تعالى {وكنا لحكمهم شاهدين }وقيل لادم وحواء وذريتهما وهذه الاقوال ضعيفة غير الاول لانها بين قول لا دليل عليه وبين ما يدل ظاهر الخطاب على خلافه فثبت ان ابليس داخل في هذا الخطاب وانه من المهبطين من الجنة ثم قال تعالى{ قلنا اهبطوا منها جميعا فاما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون} وهذا الاهباط الثاني لا بد ان يكون غير الاول وهو اهباطه من السماء الى الارض وحينئذ فتكون الجنة التي اهبطوا منها الاول فوق السماء وهي جنة الخلد وقد ذهبت طائفة منهم الزمخشري الىان قوله اهبطوا منها جميعا خطاب لادم وحواء خاصة وعبر عنهما بالجمع لاستتاباعهما ذرياتهما قال والدليل عليه قوله تعالى قال {اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فاما ياتينكم مني هدى }وقال ويدل على ذلك قوله{ فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون والذين كفروا وكذبوا بآياتنا اولئك اصحاب النار هم فيها خالدون} وما هو الا حكم يعم الناس كلهم ومعنى بعضكم لبعض عدو ما عليه الناس من التعادى والتباغض وتضليل بعضهم لبعض وهذا الذي اختاره اضعف الاقوال في الاية فإن العداوة التي ذكرها الله انما هي بين آدم وابليس وذرياتهما كما قال تعالى ان الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا وأما آدم وزوجه فإن الله سبحانه اخبر في كتابه انه خلقها منه ليسكن اليها وقال سبحانه ومن آياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة فهو سبحانه جعل المودة بين الرجل وزوجه وجعل العداوة بين آدم وابليس وذرياتهما ويدل عليه ايضا عود الضمير اليهم بلفظ الجمع وقد تقدم ذكر آدم وزوجه وابليس في قولهم فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما فهؤلاء ثلاثة آدم وحواء وإبليس فلماذا يعود الضمير على بعض المذكور مع منافرته لطريق الكلام ولايعود على جميع المذكور مع انه وجه الكلام فإن قيل فما تصنعون بقوله في سورة طه : قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو وهذا خطاب لادم وحواء وقد اخبر بعداوة بعضهم بعضا قيل اما ان يكون الضمير في قوله اهبطا راجعا الى آدم وزوجه او يكون راجعا الى آدم وابليس ولم يذكر الزوجة لانها تبع له وعلى الثاني فالعداوة المذكورة للمخاطبين بالاهباط وهما آدم وابليس وعلى الاول تكون الاية قد اشتملت على أمرين احدهما امره لادم وزوجه بالهبوط والثاني جعله العداوة بين آدم وزوجه وابليس ولا بد ان يكون ابليس داخلا في حكم هذه العداوة قطعا كما قال تعالى إن هذا عدو لك ولزوجك وقال لذريته ان الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا وتأمل كيف اتفقت المواضع التي فيها العداوة على ضمير الجمع دون التثنية وأما ذكر الاهباط فتارة ياتي بلفظ ضمير الجمع وتارة بلفظ التثنية وتارة يأتي بلفظ الافراد لابليس وحده كقوله تعالى في سورة الاعراف قال ما منعك ان لا تسجد اذ امرتك قال انا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين قال فاهبط منها فما يكون لك ان تتكبر فيها فهذا الاهباط لابليس وحده والضمير في قوله منها قيل انه عائد الى الجنة وقيل عائد الى السماء وحيث اتى بصيغة الجمع كان لادم وزوجه وابليس اذ مدار القصة عليهم وحيث اتى بلفظ التثنية فاما ان يكون لادم وزوجه إذ هما اللذان باشرا الاكل من الشجرة واقدما على المعصية واما ان يكون لادم وابليس اذ هما ابوا الثقلين فذكر حالهما وما آل اليه امرهما ليكون عظة وعبرة لاولادهما والقولان محكيان في ذلك وحيث اتى بلفظ الافراد فهو لابليس وحده وأيضا فالذي يوضح ان الضمير في قوله اهبطا منها جميعا لادم وابليس ان الله سبحانه لما ذكر المعصية افرد بها آدم دون زوجه فقال وعصى آدم ربه فغوى ثم اجتابه ربه فتاب عليه وهدى قال اهبطا منها جميعا وهذا يدل على ان المخاطب بالاهباط هو آدم ومن زين له المعصية ودخلت الزوجة تبعا وهذا لان المقصود اخبار الله تعالى لعباده المكلفين من الجن والانس بما جرى على ابويهما من شؤم المعصية ومخالفة الأمر لئلا يقتدوا بهما في ذلك فذكر ابو الثقلين ابلغ في حصول هذا المعنى من ذكر ابوي الانس فقط وقد اخبر سبحانه عن الزوجة انها اكلت مع آدم وأخبر انه اهبطه
وأخرجه من الجنة بتلك الاكلة فعلم ان هذا اقتضاه حكم الزوجية وانها صارت الى ما صار اليه آدم فكان تجريد العناية الى ذكر الابوين الذين هما اصل الذرية اولى من تجريدها الى ذكر ابي الانس وامهم والله اعلم وبالجملة فقوله اهبطوا بعضكم لبعض عدو ظاهر في الجمع فلا يسوغ حمله على الاثنين في قوله اهبطا قالوا وأما قولكم انه كيف وسوس له بعد اهباطه منها ومحال ان يصعد اليها بعد قوله تعالى اهبط فجوابه من وجوه احدهما انه اخرج منها ومنع من دخولها على وجه السكنى والكرامة واتخاذها دارا فمن اين لكم انه منع من دخولها على وجه الابتلاء والامتحان لادم وزوجه ويكون هذا دخولا عارضا كما يدخل شرط دار من امروا بابتلائه ومحنته وان لم يكونوا اهلا لسكنى تلك الدار الثاني انه كان يدنو من السماء فيكلمهما ولا يدخل عليهما دارهما الثالث انه لعله قام على الباب فناداهما وقاسمهما ولم يلج الجنة الرابع انه قد روى انه اراد الدخول عليهما فمنعته الخزنة فدخل في فم الحية حتى دخلت به عليهما ولا يشعر الخزنة بذلك قالوا ومما يدل على انها جنة الخلد بعينها انها جاءت معرفة بلام التعريف في جميع المواضع كقوله اسكن انت وزوجك الجنة ولا جنة يعهدها المخاطبون ويعرفونها الا جنة الخلد التي وعد الرحمن عباده بالغيب فقد صار هذا الاسم علما عليها بالغلبة وان كان في اصل الوضع عبارة عن البستان ذي الثمار والفواكه وهذا كالمدينة الطيبة والنجم للثريا ونظائرها فحيث ورد اللفظ معرفا بالالف واللام انصرف الى الجنة المعهودة المعلومة في قلوب المؤمنين وأما ان اريد به جنة غيرها فانها تجيء منكرة كقوله جنتين من اعناب او مقيدة بالاضافة كقوله ولولا اذ دخلت جنتك او مقيدة من السياق بما يدل على انها جنة في الارض كقوله انا بلوناهم كما بلونا اصحاب الجنة اذ اقسموا ليصرمنها مصبحين الايات فهذا السياق والتقييد يدل على انها بستان في الارض قالوا وأيضا فإنه قد اتفق اهل السنة والجماعة على ان الجنة والنار مخلوقتان وقد تواترت الاحاديث عن النبي صلى الله عليه و سلم بذلك كما في الصحيحين عن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه و سلم انه قال إن احدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشى إن كان من اهل الجنة فمن أهل الجنة وإن كان من أهل النار فمن اهل النار يقال هذا مقعدك حتى يبعثك الله يوم القيامة وفي الصحيحين من حديث ابي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه و سلم قال اختصمت الجنة والنار فقالت الجنة مالي لا يدخلني الا ضعفاء الناس وسقطهم وقالت النار مالي لا يدخلني الا الجبارون والمتكبرون فقال للجنة انت رحمتي ارحم بك من أشاء وقال للنار انت عذابي اعذب بك من أشاء الحديث وفي السنن عن ابي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لما خلق الله الجنة والنار ارسل جبريل الى الجنة فقال اذهب فانظر اليها والى ما اعددت لاهلها قال فذهب فنظر اليها وإلى ما اعد الله لاهلها الحديث وفي الصحيحين في حديث الاسراء ثم رفعت لي سدرة المنتهى فإذا ورقها مثل آذان الفيلة وإذا نبقها مثل قلال هجر وإذا اربعة انهار نهران ظاهران ونهران باطنان فقلت ما هذا يا جبريل قال اما النهران الظاهران فالنيل والفرات وأما الباطنان فنهران في الجنة وفيه ايضا ثم ادخلت الجنة فإذا جنابذ اللؤلؤ وإذا ترابها المسك وفي صحيح البخاري عن انس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :بينما انا أسير في الجنة إذا انا بنهر حافتاه قباب الدر المجوف قال قلت ما هذا يا جبريل قال هذا الكوثر الذي اعطاك ربك فضرب الملك بيده فإذا طينه مسك اذفر وفي صحيح مسلم في حديث صلاة الكسوف ان النبي صلى الله عليه و سلم جعل يتقدم ويتأخر في الصلاة ثم اقبل على اصحابه فقال انه عرضت لي الجنة والنار فقربت مني الجنة حتى لو تناولت منها قطفا لاخذته فلو اخذته لاكلتم منه ما بقيت الدنيا وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود في قوله تعالى ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون ارواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت ثم تأوى الى تلك القناديل فاطلع عليهم ربك اطلاعة فقال هل تشتهون شيئا فقالوا أي شيء نشتهي ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا الحديث وفي الصحيح من حديث ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لما اصيب اخوانكم باحد جعل الله ارواحهم في اجواف طير خضر ترد انهار الجنة وتأكل من ثمارها وتاوى الى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم ومقيلهم قالوا من يبلغ عنا اخواننا انا في الجنة نرزق لئلا يزهدوا في الجهاد ولا يتكلوا عند الحرب فقال الله أنا ابلغهم عنكم فانزل الله عز و جل ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله الاية وفي الموطأ من حديث كعب بن مالك ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال انما نسمة المؤمن طائر يعلق في الجنة حتى يرجعه الله الى جسده يوم يبعثه وفي البخاري ان إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه و سلم لما توفي قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ان له مرضعا في الجنة وفي صحيح البخاري عن عمران بن حصين قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم اطلعت في الجنة فرأيت اكثر اهلها الفقراء واطلعت في النار فرأيت اكثر اهلها النساء والاثار في هذا الباب اكثر من ان تذكرا واما القول بان الجنة والنار لم تخلقا بعد فهو قول اهل البدع من ضلال المعتزلة ومن قال بقولهم وهم الذين يقولون ان الجنة التي اهبط منها آدم إنما كانت جنة بشرقي الارض وهذه الاحاديث وأمثالها ترد قولهم قالوا وأما احتجاجكم بسائر الوجوه التي ذكرتموها في الجنة وأنها منتفية في الجنة التي اسكنها آدم من اللغو والكذب والنصب والعرى وغير ذلك فهذا كله حق لا ننكره نحن ولا احد من اهل الاسلام ولكن هذا إنما هو إذا دخلها المؤمنون
يوم القيامة كما يدل عليه سياق الكلام وهذا لا ينفى ان يكون فيها بين آدم وإبليس ما حكاه الله عز و جل من الامتحان والابتلاء ثم يصير الامر عند دخول المؤمنين اليها الى ما أخبر الله عز و جل به فلا تنافي بين الامرين قالوا وأما قولكم ان الجنة دار جزاء وثواب وليست دارتكليف وقد كلف الله سبحانه آدم فيها بالنهي عن الشجرة فجوابه من وجهين احدهما انه إنما يمتنع ان تكون دار تكليف إذا دخلها المؤمنون يوم القيامة فحينئذ ينقطع التكليف وأما امتناع وقوع التكليف فيها في دار الدنيا فلا دليل عليه الثاني ان التكليف فيها لم يكن بالاعمال التي يكلف بها الناس في الدنيا من الصيام والصلاة والجهاد ونحوها وإنما كان حجرا عليه في شجرة من جملة أشجارها وهذا لا يمتنع وقوعه في جنة الخلد كما ان كل احد محجور عليه ان يقرب أهل غيره فيها فإن اردتم بان الجنة ليست دار كيف امتناع وقوع مثل هذا فيها في وقت من الاوقات فلا دليل لكم عليه وإن اردتم ان غالب التكاليف التي تكون في الدنيامنتفية فيها فهو حق ولكن لا يدل على مطلوبكم قالوا وهذا كما انه موجب الادلة وقول سلف الامة فلا يعرف بقولكم قائل من ائمة العلم ولا يعرج عليه ولا يلتفت اليه قال الاولون الجواب عما ذكرتم من وجهين مجمل ومفصل اما المجمل فإنكم لم تأتوا على قولكم بدليل يتعين المصير اليه لا من قرآن ولا من سنة ولا أثر ثابت عن احد من اصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم ولا التابعين لا مسندا ولا مقطوعا ونحن نوجدكم من قال بقولنا هذا احد ائمة الاسلام سفيان بن عيينة قال في قوله عز و جل ان لك ان لا تجوع فيها ولا تعرى قال يعني في الارض وهذا عبد الله بن مسلم بن قتيبة قال في معارفه بعد ان ذكر خلق الله لادم وزوجه ان الله سبحانه اخرجه من مشرق جنة عدن الى الارض التي منها اخذ وهذا ابى قد حكى الحسن عنه ان آدم لما احتضر اشتهى قطفا من قطف الجنة فانطلق بنوه ليطلبوه له فلقيتهم الملائكة فقالوا اين تريدون يا بني آدم قالوا إن ابانا اشتهى قطفا من قطف الجنة فقالوا لهم ارجعوا فقد كفيتموه فانتهوا اليه فقبضوا روحه وغسلوه وحنطوه وكفنوه وصلى عليه جبريل وبنوه خلف الملائكة ودفنوه وقالوا هذه سنتكم في موتاكم وهذا ابو صالح قد نقل عن ابن عباس في قوله اهبطوا منها قال هو كما يقال هبط فلان في ارض كذا وكذا وهذا وهب بن منبه يذكر آن آدم خلق في الارض وفيها سكن وفيها نصب له الفردوس وانه كان بعدن وان سيحون وجيحون والفرات انقسمت من النهر الذي كان في وسط الجنة وهو الذي كان يسقيها وهذا منذر بن سعيد البلوطي اختاره في تفسيره ونصره بما حكيناه عنه وحكاه في غير التفسير عن ابي حنيفة فيما خالفه فيه فلم قال بقوله في هذه المسألة وهذا أبو مسلم الاصبهاني صاحب التفسير وغيره احد الفضلاء المشهورين قال بهذا وانتصر له واحتج عليه بما هو معروف في كتابه وهذا ابو محمد عبد الحق بن عطية ذكر القولين في تفسيره في قصة آدم في البقرة وهذا ابو محمد بن حزم ذكر القولين في كتاب الملل والنحل له فقال وكان المنذر بن سعيد القاضي يذهب الى ان الجنة والنار مخلوقتان الا انه كان يقول انها ليست هي التي كان فيها آدم وامراته وممن حكى القولين ايضا ابو عيسى الرماني في تفسيره واختار انها جنة الخلد ثم قال والمذهب الذي اخترناه قول الحسن وعمرو بن واصل وأكثر اصحابنا وهو قول ابي علي وشيخنا ابي بكر وعليه اهل التفسير وممن ذكر القولين ابو القاسم الراغب في تفسيره فقال واختلف في الجنة التي اسكنها آدم فقال بعض المتكلمين كان بستانا جعله الله له امتحانا ولم يكن جنة المأوى ثم قال ومن قال لم يكن جنة المأوى لانه لا تكليف في الجنة وآدم كان مكلفا قال وقد قيل في جوابه انها لا تكون دار التكليف في الاخرة ولا يمتنع ان تكون في وقت دار تكليف دون وقت كما ان الانسان يكون في وقت مكلفا دون وقت وممن ذكر الخلاف في المسألة ابو عبد الله بن الخطيب الرازي في تفسيره فذكر هذين القولين وقولا ثالثا وهو التوقف قال لامكان الجميع وعدم الوصول الى القطع كما سيأتي حكاية كلامه ومن المفسرين من لم يذكر غير هذا القول وهو انها لم تكن جنة الخلد إنما كانت حيث شاء الله من الارض وقالوا كانت تطلع فيها الشمس والقمر وكان ابليس فيها ثم اخرج قال ولو كانت جنة الخلد لما اخرج منها وممن ذكر القولين ايضا أبو الحسن الماوردي فقال في تفسيره واختلف في الجنة التي اسكناها على قولين احدهما انها جنة الخلد الثاني انها جنة اعدها الله لهما وجعلها دار ابتلاء وليست جنة الخلد التي جعلها الله دار جزاء ومن قال بهذا اختلفوا فيه على قولين احدهما انها في السماء لانه اهبطهما منها وهذا قول الحسن الثاني انها في الارض لانه امتحنهما فيها بالنهي عن الشجرة التي نهيا عنها دون غيرها من الثمار وهذا قول ابن يحيى وكان ذلك بعد ان أمر ابليس بالسجود لادم والله اعلم بصواب ذلك هذا كلامه وقال ابن الخطيب في تفسيره اختلفوا في ان الجنة المذكورة في هذه الاية هل كانت في الارض او في السماء وبتقدير انها كانت في السماء فهل هي الجنة التي هي دار الثواب وجنة الخلد او جنة اخرى فقال ابو القاسم البلخي وابو مسلم الاصبهاني هذه الجنة في الارض وحملا الاهباط على الانتقال من بقعة الى بقعة كما في قوله تعالى اهبطوا مصرا القول الثاني وهو قول الجبائي ان تلك كانت في السماء السابعة قال والدليل عليه قوله اهبطوا ثم ان الاهباط الاول كان من السماء السابعة الى السماء الاولى والاهباط الثاني كان من السماء الى الارض والقول الثالث وهو قول جمهور اصحابنا ان هذه الجنة هي دار الثواب والدليل عليههو ان الالف واللام في لفظ الجنة لا يفيد العموم لان سكنى آدم جميع الجنان محال فلا بد من صرفها الى المعهود السابق والجنة المعهودة المعلومة بين المسلمين هي دار الثواب فوجب صرف اللفظ اليها قال والقول الرابع ان الكل ممكن والادلة النقلية ضعيفة ومتعارضة فوجب التوقف وترك القطع قالوا ونحن لا نقلد هؤلاء ولا نعتمد على ما حكى عنهم والحجة الصحيحة حكم بين المتنازعين قالوا وقد ذكرنا على هذا القول ما فيه كفاية واما الجواب المفصل فنحن نتكلم على ما ذكرتم من الحجج لينكشف وجه الصواب فنقول وبالله التوفيق اما استدلالكم بحديث ابي هريرة وحذيفة حين يقول الناس لادم استفتح لنا الجنة فيقول وهل اخرجكم منها الا خطيئة ابيكم فهذا الحديث لا يدل على ان الجنة التي طلبوا منه ان يستفتحها لهم هي التي أخرج منها بعينها فإن الجنة اسم جنس فكل بستان يسمى جنة كما قال تعالى انا بلوناهم كما بلونا اصحاب الجنة إذ اقسموا ليصرمنها مصبحين وقال تعالى وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الارض ينبوعا او تكون لك جنة من نخيل وعنب وقال تعالى ومثل الذين ينفقون اموالهم ابتغاء مرضات الله وتثبيتا من انفسهم كمثل جنة بربوة وقال تعالى واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لاحدهما جنتين من اعناب وحففناهما بنخل الى قوله ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة الا بالله فإن الجنة اسم جنس فهم لما طلبوا من آدم ان يستفتح لهم جنة الخلد اخبرهم بأنه لا يحسن منه ان يقدم على ذلك وقد اخرج نفسه وذريته من الجنة التي اسكنه الله اياها بذنبه وخطيئته هذا الذي دل عليه الحديث وأما كون الجنة التي اخرج منها هي بعينها التي طلبوا منه ان يستفتحها لهم فلا يدل الحديث عليه بشيء من وجوه الدلالات الثلاث ولو دل عليه لوجب المصير الى مدلول الحديث وامتنع القول بمخالفته وهل مدارنا الا على فهم مقتضى كلام الصادق المصدوق صلوات الله وسلامه عليه قالوا وأما استدلالكم بالهبوط وأنه نزول من علو الى سفل فجوابه من وجهين احدهما ان الهبوط قد استنقل في النقلة من ارض الى ارض كما يقال هبط فلان بلد كذا وكذا وقال تعالى اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم وهذا كثير في نظم العرب ونثرها قال :
إن تهبطين بلاد قو ... م يرتعون من الطلاح وقد روى ابو صالح عن ابن عباس رضى الله عنهما قال هو كما يقال هبط فلان ارض كذا وكذا الثاني انا لا ننازعكم في ان الهبوط حقيقة ما ذكرتموه ولكن من اين يلزم ان تكون الجنة التي منها الهبوط فوق السموات فإذا كانت في أعلى الارض اما يصح ان يقال هبط منها كما يهبط الحجر من اعلى الجبل الى اسفله ونحوه وأما قوله تعالى ولكم في الارض مستقرومتاع الى حين فهذا يدل على ان الارض التي اهبطوا اليها لهم فيها مستقر ومتاع الى حين ولا يدل على انهم لم يكونوا في جنة عالية اعلى من الارض التي اهبطوا اليها تخالف الارض في صفاتها واشجارها ونعيمها وطيبها فالله سبحانه فاوت بين بقاع الارض اعظم تفاوت وهذا مشهود بالحس فمن اين لكم ان تلك لم تكن جنة تميزت عن سائر بقاع الارض بما لا يكون الا فيها ثم اهبطوا منها الى الارض التي هي محل التعب والنصب والابتلاء والامتحان وهذا بعينه هوالجواب عن استدلالكم بقوله تعالى إن لك الا تجوع فيهاولاتعرى ألى آخر ما ذكرتموه مع ان هذا حكم معلق بشرط والشرط لم يحصل فإنه سبحانه إنما قال ذلك عقيب قوله ولا تقربا هذه الشجرة وقوله ان لك الا تجوع فيها ولا تعرى هو صيغة وعد مرتبطة بما قبلها والمعنى ان اجتنبت الشجرة التي نهيتك عنها ولم تقربها كان لك هذا الوعد والحكم المعلق بالشرط عدم عند عدم الشرط فلما اكل من الشجرة زال استحقاقه لهذا الوعد قال واما قولكم انه لو كانت الجنة في الدنيا لعلم آدم كذب ابليس في قوله هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى الى آخره فدعوى لا دليل عليها لانه لا دليل لكم على ان الله سبحانه كان قد اعلم آدم حين خلقه ان الدنيا منقضية فانية وان ملكها يبلى ويزول وعلى تقدير ان يكون آدم حينئذ قد أعلم ذلك فقول ابليس هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى لا يدل على انه اراد بالخلد مالا يتناهى فإن الخلد في لغة العرب هو اللبث الطويل كقولهم قيد مخلد وحبس مخلد وقد قال تعالى لثمود تبنون بكل ريع آية تعبثون وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون وكذلك قوله وملك لا يبلى يراد به الملك الطويل الثابت وأيضا فلا وجه للاعتذار عن قول ابليس مع تحقق كذبه ومقاسمته آدم وحواء على الكذب والله سبحانه قد أخبر انه قاسمهما ودلاهما بغرور وهذا يدل على انهما اغترا بقوله فغرهما بان اطمعهما في خلد الابد والملك الذي لا يبلى وبالجملة فالاستدلال بهذا على كون الجنة التي سكنها آدم هي جنة الخلد التي وعدها المتقون غير بين ثم نقول لو كانت الجنة هي جنة الخلد التي لا يزول ملكها لكانت جميع اشجارها شجر الخلد فلم يكن لتلك الشجرة اختصاص من بين سائر الشجر بكونها شجرة الخلد وكان آدم يسخر من ابليس إذ قد علم ان الجنة دار الخلد فإن قلتم لعل آدم لم يعلم حينئذ ذلك فغره الخبيث وخدعه بان هذه الشجرة وحدها هي شجرة الخلد قلنا فاقنعوا منا بهذا الجواب بعينه عن قولكم لو كانت الجنة في الدنيا لعلم آدم كذب ابليس في ذلك لان قوله كان خداعا وغرورا محضا على كل تقدير فانقلب دليلكم حجة عليكم وبالله التوفيق .مفتاح دار السعادة من ص:14 الى ص:21
محمد سعيد- الـمديــرالعــام للمنتــدى
- عدد المساهمات : 1291
تاريخ التسجيل : 24/01/2010
الموقع : المغرب
رد: الجنة التي أخرج منها آدم عليه السلام !!! موضوع للنقاش .
السلام عليكم
لى سؤال بما ان الله غفر لآدم وحواء فلما طردهما ؟
وما ذنبنا نحنن البشر اولاد آدم فى طردنا مثله ؟
آدم كان لا يعمل ليكسب قوته فى الجنه فالله هو معينه بها وعندما اخطا وطرد منها كتب عليه ان ياكل من تعبه نتيجة عاقبتة فى الجنه ومترتبه عليها فما ذنبنا نحن؟
فما ذنبنا نحن؟ ولما لم يدع الله آدم فى الجنه بما انه غفر ذنبه ؟
لى سؤال بما ان الله غفر لآدم وحواء فلما طردهما ؟
وما ذنبنا نحنن البشر اولاد آدم فى طردنا مثله ؟
آدم كان لا يعمل ليكسب قوته فى الجنه فالله هو معينه بها وعندما اخطا وطرد منها كتب عليه ان ياكل من تعبه نتيجة عاقبتة فى الجنه ومترتبه عليها فما ذنبنا نحن؟
فما ذنبنا نحن؟ ولما لم يدع الله آدم فى الجنه بما انه غفر ذنبه ؟
سمير سعد منير- عضو نشيط
- عدد المساهمات : 124
تاريخ التسجيل : 17/04/2010
الموقع : الامارات
رد: الجنة التي أخرج منها آدم عليه السلام !!! موضوع للنقاش .
سمير سعد منير كتب:السلام عليكم
لى سؤال بما ان الله غفر لآدم وحواء فلما طردهما ؟
وما ذنبنا نحنن البشر اولاد آدم فى طردنا مثله ؟
آدم كان لا يعمل ليكسب قوته فى الجنه فالله هو معينه بها وعندما اخطا وطرد منها كتب عليه ان ياكل من تعبه نتيجة عاقبتة فى الجنه ومترتبه عليها فما ذنبنا نحن؟
فما ذنبنا نحن؟ ولما لم يدع الله آدم فى الجنه بما انه غفر ذنبه ؟
المرجو من الإخوة الأعضاء عدم تشتييت المواضيع فمن وجد أن لديه مداخلة تفيدنا فمرحباً ومن وجد أن له فكرة لها علاقة بالموضع لكنها لا تناقش نفس الموضوع له أن يفتح موضوعاً مستقلاً لنناقشه جميعاً وشكراً للجميع .
أما بالنسبة لأخي سمير سعد منير فما دامت عقيدتك المسيحية كان عليك أن تتدخل في نفس الموضوع من وجهة نظر المسيحيين لنثري المناقشة ونستفيد جميعاً لأنه لا علاقة لمدخلتك بما هو مطروح ويبقى السؤال هو أين توجد الجنة التي طرد منها آدم عليه السلام وهل هي جنة الخلد .
محمد سعيد- الـمديــرالعــام للمنتــدى
- عدد المساهمات : 1291
تاريخ التسجيل : 24/01/2010
الموقع : المغرب
رد: الجنة التي أخرج منها آدم عليه السلام !!! موضوع للنقاش .
السلام عليكم ورحمته وبركاته
أعتذر للاخوه الكرام فقد كنت اعتقد ان موضوع الجنه مرتبط بما ذكرة فاعتبروا مداخلتى لم تكن
أعتذر مره اخرى - سامحونى
شكرا
أعتذر للاخوه الكرام فقد كنت اعتقد ان موضوع الجنه مرتبط بما ذكرة فاعتبروا مداخلتى لم تكن
أعتذر مره اخرى - سامحونى
شكرا
سمير سعد منير- عضو نشيط
- عدد المساهمات : 124
تاريخ التسجيل : 17/04/2010
الموقع : الامارات
رد: الجنة التي أخرج منها آدم عليه السلام !!! موضوع للنقاش .
سمير سعد منير كتب:السلام عليكم ورحمته وبركاته
أعتذر للاخوه الكرام فقد كنت اعتقد ان موضوع الجنه مرتبط بما ذكرة فاعتبروا مداخلتى لم تكن
أعتذر مره اخرى - سامحونى
شكرا
صديقنا المحترم / سمير
لا عليك ولا يهمك
انت ضيف كريم فى وسط اخوانك فى الانسانيه
نتمنى لك كل الخير
واعتقد اخى محمد سعيد قد فتح موضوع باسم الخطيئة
لعلك تستطيع ان تتحدث فيه بما يجول فى خاطرك وبالاخص بعمل مقارنة بين
الله عزوجل فى الاسلام وموقفه من الخطيئة
والرب فى النصرانيه وموقفه من الخطيئة
وهل ذكر السيد المسيح ادم وخطيئته فى الانجيل ؟؟؟؟؟
تقبل تحياتى :flower:
عمر- مـشـرف منتدى الحوار والنقاش
- عدد المساهمات : 453
تاريخ التسجيل : 02/02/2010
رد: الجنة التي أخرج منها آدم عليه السلام !!! موضوع للنقاش .
الأرض الدنيا .. ليست هذه الكرة وحدها
قبل أن ندخل في صلب الموضوع ، لا بد أن نذكر بإيجاز ، ما هو شائع عند الباحثين والمفسرين ، من احتمالات عن مكان جنة آدم . فقد قيل فيها أنها جنة كانت في الأرض ـ المقصود هذه الكرة ـ وقيل إنها كذلك ، وبشكل خاص في عدن ، وقيل إنها في السماء ولكن هي غير الجنة الموعودة للمؤمنين . وقيل هي الجنة الموعودة عينها . وقد حسم هذا الأمر الأخير أئمتنا عليهم السلام في بعض الروايات بالقول : إن آدم لو كان في جنة الخلد الموعودة لما خرج منها أبداً .. وانطلاقاً من هنا نقول ، أن بقية المزاعم كانت رهناً بالقصور العلمي عن الكون وعن الفلك ، بسبب عدم تدبر القرآن كفاية .
من هنا لَفَتَني بفضل منه تعالى قوله :
{ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ. قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ. إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ }(1).
فما هو هذا المرقد ؟ وأين هو ؟ وأين ينسلون من الأجداث ؟ هل في
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة يَس ، الآيات ( 51 ـ 53 ) .
حدود هذه الكرة الأرضية فقط ؟ منذ مدة تحطمت مركبة للسوفيات على سطح القمر ، وتحطمت مركبة أخرى وأكثر ، وفيها بشر ، تحطمـت فـي المجال الجوي بين الكواكب ، وحسـب النظرية العلميـة التطبيقيـة ، تبقى الأجسام في مناطق الجذب ، تدور حول الأجرام الجاذبـة ، وهي لا تنـزل إلى الكرة الأرضية ، بل تبقى حيث هي لا يعرف مصيرها . وهنا يمكننا الإستنتاج وببساطة ، أن أجداثنا ومرقدنا المنوه عنهما في الخبر القرآنـي ، يجب عقـلاً أن يكون حيّزهما في جملة مجموعتنا الشمسية كلها ، وليس فقط في كرتنا الأرضية ، ثم ليس في مجموعتنـا الشمسيـة فحسب ، وإنما فيها داخلة في المجرة كجزء من أجزائها ، متحركة بحركتها . وبكلمة فالأرض ليست فقط هذه الكرية . لأن الأرض الكرية عضو لا يمكن أن يؤخذ ، بالنظر الإعتباري ، مفصولاً عن بقية الأعضاء ، التي هي مجموعتنا الشمسية على أضيق الإفتراضات . لأن كرية الأرض بحدود جرمها، يستحيل أن تقوم فيها حياة ، من إنسان وحيوان ونبات ، كما يستحيل أن تتحرك بحركات جرمها الثلاث ، حول نفسها وحول الشمس وحركة المجرة وهي فيها ، وكذلك حركات أجزائها ، من براكين وزلازل ، ومدّ وجزر ، وجذب ودفع إلخ .. يستحيل أن يتم ذلك كله بالنظر إليها مُبَانَةً عن جسمها الذي هي عضو فيه ، إذ إنّ حياة الأرض كريتنا وما يتبعها من حركات خاصة وعامة ، إنما هي بسبب وجودها في هذا الجسم الذي هو المجرة ، وحيث إن الله عزّ وجل ، قد أبى أن تتم الأمور إلاّ بأسبابها ، فيجب أن تكون الأرض ذلك الجسم الكبير ، الذي من أعضائه الشمس والقمر والمشتري و ... وكريتنا الأرضية هذه .
مُقتبس للإفادة
قبل أن ندخل في صلب الموضوع ، لا بد أن نذكر بإيجاز ، ما هو شائع عند الباحثين والمفسرين ، من احتمالات عن مكان جنة آدم . فقد قيل فيها أنها جنة كانت في الأرض ـ المقصود هذه الكرة ـ وقيل إنها كذلك ، وبشكل خاص في عدن ، وقيل إنها في السماء ولكن هي غير الجنة الموعودة للمؤمنين . وقيل هي الجنة الموعودة عينها . وقد حسم هذا الأمر الأخير أئمتنا عليهم السلام في بعض الروايات بالقول : إن آدم لو كان في جنة الخلد الموعودة لما خرج منها أبداً .. وانطلاقاً من هنا نقول ، أن بقية المزاعم كانت رهناً بالقصور العلمي عن الكون وعن الفلك ، بسبب عدم تدبر القرآن كفاية .
من هنا لَفَتَني بفضل منه تعالى قوله :
{ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ. قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ. إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ }(1).
فما هو هذا المرقد ؟ وأين هو ؟ وأين ينسلون من الأجداث ؟ هل في
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة يَس ، الآيات ( 51 ـ 53 ) .
حدود هذه الكرة الأرضية فقط ؟ منذ مدة تحطمت مركبة للسوفيات على سطح القمر ، وتحطمت مركبة أخرى وأكثر ، وفيها بشر ، تحطمـت فـي المجال الجوي بين الكواكب ، وحسـب النظرية العلميـة التطبيقيـة ، تبقى الأجسام في مناطق الجذب ، تدور حول الأجرام الجاذبـة ، وهي لا تنـزل إلى الكرة الأرضية ، بل تبقى حيث هي لا يعرف مصيرها . وهنا يمكننا الإستنتاج وببساطة ، أن أجداثنا ومرقدنا المنوه عنهما في الخبر القرآنـي ، يجب عقـلاً أن يكون حيّزهما في جملة مجموعتنا الشمسية كلها ، وليس فقط في كرتنا الأرضية ، ثم ليس في مجموعتنـا الشمسيـة فحسب ، وإنما فيها داخلة في المجرة كجزء من أجزائها ، متحركة بحركتها . وبكلمة فالأرض ليست فقط هذه الكرية . لأن الأرض الكرية عضو لا يمكن أن يؤخذ ، بالنظر الإعتباري ، مفصولاً عن بقية الأعضاء ، التي هي مجموعتنا الشمسية على أضيق الإفتراضات . لأن كرية الأرض بحدود جرمها، يستحيل أن تقوم فيها حياة ، من إنسان وحيوان ونبات ، كما يستحيل أن تتحرك بحركات جرمها الثلاث ، حول نفسها وحول الشمس وحركة المجرة وهي فيها ، وكذلك حركات أجزائها ، من براكين وزلازل ، ومدّ وجزر ، وجذب ودفع إلخ .. يستحيل أن يتم ذلك كله بالنظر إليها مُبَانَةً عن جسمها الذي هي عضو فيه ، إذ إنّ حياة الأرض كريتنا وما يتبعها من حركات خاصة وعامة ، إنما هي بسبب وجودها في هذا الجسم الذي هو المجرة ، وحيث إن الله عزّ وجل ، قد أبى أن تتم الأمور إلاّ بأسبابها ، فيجب أن تكون الأرض ذلك الجسم الكبير ، الذي من أعضائه الشمس والقمر والمشتري و ... وكريتنا الأرضية هذه .
مُقتبس للإفادة
محمد سعيد- الـمديــرالعــام للمنتــدى
- عدد المساهمات : 1291
تاريخ التسجيل : 24/01/2010
الموقع : المغرب
مواضيع مماثلة
» الأغنية التي لا يمل منها الأطفال .
» لماذا تكرهون النبى محمد صلى الله عليه وسلم ومحمد يحب عيسى بن مريم عليه السلام
» من آدم الى محمد صلى الله عليه وسلم
» ماذا يقول الكتاب المقدس عن محمد عليه الصلاة و السلام؟ للمناقشة .
» دعوة الى كل مسيحي للنقاش الهادف بإذن الله
» لماذا تكرهون النبى محمد صلى الله عليه وسلم ومحمد يحب عيسى بن مريم عليه السلام
» من آدم الى محمد صلى الله عليه وسلم
» ماذا يقول الكتاب المقدس عن محمد عليه الصلاة و السلام؟ للمناقشة .
» دعوة الى كل مسيحي للنقاش الهادف بإذن الله
مـنـتـدى الـشــبـــــــاب للــتـــواصـــــل :: قـضـايـا أمـتـنــا الاسـلامـيــة :: الـحـــوار الاسـلامــي المسيـحــي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت أكتوبر 24, 2015 6:38 pm من طرف bouchra
» الاستغفار فوائده وفضائله
السبت أكتوبر 24, 2015 6:34 pm من طرف bouchra
» هل ما يفعله الشيعه في عاشوراء بدعه وضلاله
السبت أكتوبر 24, 2015 6:29 pm من طرف bouchra
» المسلسل التركي حريم السلطان الجزء الثاني10/1
الجمعة يونيو 26, 2015 11:04 pm من طرف abwsohyla
» ► ■■■ ☼ كيفية فقدان الوزن بشكل طبيعي و سريع و آمن؟؟هام... - المستشار العائلي ☼ ■■■ ◄
الثلاثاء نوفمبر 18, 2014 1:07 pm من طرف Hajarita
» بالصور: مهرجان "كشرى أبو طارق" .. بتاع الغلابة والناس اللى فوق
الجمعة نوفمبر 07, 2014 3:38 pm من طرف Hajarita
» اياكي والكحل اثناء الحمل
الأربعاء سبتمبر 03, 2014 12:07 am من طرف عاشقة
» عيد فطر مبارك
الثلاثاء يوليو 29, 2014 5:57 am من طرف bouchra
» ما أسرع أيامك يا رمضان
الثلاثاء يوليو 22, 2014 10:32 pm من طرف bouchra